2024 March 29 - ‫الخميس 19 رمضان 1445
شهر رجب فرصة ذهبية للاهتمام بالطاعات وموسم خير لإصلاح السلوكيات
رقم المطلب: ٦١٢ تاریخ النشر: ٠١ رجب ١٤٤٠ - ٢١:٤١ عدد المشاهدة: 805
خطبة صلاة الجمعة » عام
شهر رجب فرصة ذهبية للاهتمام بالطاعات وموسم خير لإصلاح السلوكيات

الخطبة الأولى: 971217     1 رجب1440

توصية بتقوی الله عزوجل

عباد الله ! أوصيکم و نفسي بتقوی الله و اتباع أمره و نهيه و أحذركم من عقابه.

الموضوع: شهر رجب فرصة ذهبية للاهتمام بالطاعات وموسم خير لإصلاح السلوكيات

لقد شاءَ الباري جلَّ وعَلا ألّا يُجْرِيَ الأمورَ إلّا بأسبابها مادّيّةً ومعنويّةً؛ فسبحان من له الحكمةُ البالغةُ في ذلك كلِّه دنيويّةً وأخرويّةً! قال تعالى: "هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَآءً وَ الْقَمَرَ نُورًا وَ قَدَّرَهُ‏و مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَ لِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْأَيَتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" (يونس:5/10)

فلو أراد المولى أن يُشْرِقَ العالمُ ضياءً ونوراً بلا شمسٍ ولا قمرٍ لَفَعَلَ، ولكنّ حكمته البالغةَ اقتضت أن يجعلَ لكلِّ شيئٍ سبباً بلا مِراءٍ، ويُنْفِذَه قانوناً على خلقه دون استثناءٍ؛ فهو يجري على كلّ إنسان مهما عَلَتْ رتبتُه إيماناً وارتقى مقامُه عرفاناً. فهذا أشرفُ الخلق سيدُنا محمد (ص) لم يُسْرِ به ربُّه ليعرُجَ إلى السماء إلّا بتهيئة الأسباب الزمانيّة والمكانيّة، ولو شاء لرفعه إليه دونها قديراً، قال تعالى: "سُبْحَنَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ‏ى لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِى بَرَكْنَا حَوْلَهُ‏ لِنُرِيَهُ‏ مِنْ ءَايَتِنَآ إِنَّهُ‏ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".

وفي تلكم الآية الكريمة إشارة لطيفة لا يتلقَّفُها إلا ذوو الألباب، لأهمّيّة اختيار عنصرَي الزمان والمكان سبباً لبلوغ المقامات الروحية العالية، وسُلَّماً لنَيلِ الدرجات المعنويّة الراقية.

ومن لطف الله تعالى بهذه الأمّة أن خصّها بمحطّاتٍ مكانيّة للطاعات، وفصولٍ زمنيّةٍ للعبادات؛ فالمرحومُ من اقتنص تلك الفُرَصَ السانحةَ الذهبيّةَ، كي ينالَ القربةَ والعفوَ والغفرانَ من ربِّ البريّة. والمحرومُ من ضيَّعَها متغافِلاً ولاهِياً، ليندمَ على ما كان فيها واهياً.

ولقد منّ الله تعالى علينا بأن كفانا مؤونةَ تحرّي مواقع تلك المواسم المعنويّة بأنفسنا، بتوفير كنزَين ننتقي من جُمانِهما ما نحتاج من أسبابٍ تضمن في الدنيا سعادتَنا وفي الآخرة فلاحَنا؛ ألا وهما الكتابُ والعترةُ ما إن تمسّكنا بهما لن نضلّ أبداً. وقد اخترتُ آيتين من الأوّل صدراً للحديث، وأُكمِلُها بالثاني كوكبةً من "الحديث"، تكونُ قوتاً لقلوبنا ونحن نوافي شهراً يشكِّلُ أحدَ الأسباب الزمانيّة المباركة للارتقاء بالمؤمن والمجتمع الإيمانيِّ نحو أعلى درجات الكمال والمعنويّة.

نعم! إنّه شهر رجب الذي بدأنا نتنشَّقُ مع حلول غرّة أيّامه عِطرَه الفَوّاحَ بالعفو والمغفرة، ويترقّب حلولَه أهلُ الإيمان كلَّ عامٍ كي يعمُروا أوقاتَهم فيه بالدعاء والتوبة والاستغفار، ويُحْيُوا نفوسَهم بالصلاة والصيام والبرّ والاعتمار، محطّةً روحيّةً أولى استعداداً لشهر رمضانَ والعتقِ من النارِ؛ فها هو رسولنا محمد (ص) الذي كان إذا رأى هلال رجب قال : "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا شهر رمضان، وأعنا على الصيام والقيام وحفظ اللسان وغض البصر، ولا تجعل حظنا منه الجوع والعطش".

ألا تشعرون من هذه الكلمات المحمدية بمدى لهفة صاحبها وسعادته بتوفيق دركِ هذا الشهر العظيم باباً لدخول شعبان ومنه لبلوغ شهر رمضان، ولكنْ بشرطها وشروطها من خلال الالتزام بحدودها الشرعية فقهاً بإقامة الصلاة والصيام، وأخلاقاً وسلوكاً بحفظ اللسان وغضّ البصر؛ ما يعكسُ عظمةَ شهر رجب دورةً تمهيديةً لتقويم السلوك الفردي والجماعي قبل الالتحاق بجامعة رمضان الطافحة بقيم الخير والصلاح.

فما أعظمَ هذا الشهرَ الذي كانت العربُ في الجاهلية تعظِّمه أيَّما تعظيمٍ! فكانوا يحرِّمون فيه القتل والقتال ويعاقبون من ينتهِك حرمتَه. فلمّا جاء الإسلامُ أقرَّ قدسيّتَه وجعله من الأشهر الحرم.

عبادَ الله!

قد نتساءلُ عن الداعي وراء طلب رسول الله من ربه التوفيق لأداء تلك الأعمال في شهر رجب؛ فما هي خصوصيّة ذلك الشهر المميَّزةُ حتى صار سبباً لتزكية الأرواح والتحرّر من الشهوات؟

لم أجد مدخلاً للإجابة أجمل من حديث إمامنا الصادق (ع) حين يقول: "أبى الله أن يُجرِيَ الأشياء الا بالأسباب؛ فجعل لكل شئ سببا،....

فهلمّوا- عبادَ الله- إلى محموعة من أحاديث المعصومين (ع) التي تظافرت في فضل ذلك الشهر، كي نعرف السبب، ليبطُلَ العجَب؛ فعن النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم: "يسمى الرجب الأصب لأن الرحمة تُصَبُّ صباً فيه".

وعن الإمام الكاظم عليه السلام: "رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات".

ما يدلّ على سرٍّ جليلٍ يكمُنُ في ذلك الشهر، يمنح زمانه خاصّيّةً فريدةً في القدرةِ على مضاعفة الحسنات ومحو السيئات؛ لأنّ الله يوكِّلُ فيه ملَكاً لأداء مهمّة تلقُّف الدعوات ورفعها للإجابة؛ فقد رُوي عن النّبيّ(ص) أنّه قال: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى نَصَبَ فِي السَّمَاِء السَّابِعَةِ مَلَكاً يُقَالُ لَهُ الدَّاعِيْ، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبَ يُنَادِيْ ذَلِكَ المَلَكُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْهُ إِلَىْ الصَّبَاحِ: طُوْبَىْ لِلذَّاكِرِيْنَ، طُوْبَىْ لِلطَّائِعِيْنَ, يَقُوْلُ اللهُ تَعَالَىْ: أَنَا جَلِيْسُ مَنْ جَالَسَنِيْ وَمُطِيْعُ مَنْ أَطَاعَنِيْ، وَغَافِرُ مَنْ اسْتَغْفَرَنِيْ، الشَّهْرُ شَهْرِيْ، وَالعَبْدُ عَبْدِيْ، وَالَّرْحَمُة رَحْمَتِيْ، فَمَنْ دَعَانِيْ فيِ هَذَا الشَّهْرِ أَجَبْتُهُ، وَمَنْ سَأَلنِيْ أَعْطَيْتُهُ، وَمَنْ اسْتَهْدَانِيْ هَدَيْتُهُ، وَجَعَلْتُ هَذَا الشَّهْرَ حَبْلاً بَيْنيِ وَبَيْنَ عِبَادِيْ، فَمَنْ اعْتَصَمَ بِهِ وَصَلَ إِلَيَّ".

عبادَ الله!

ألا يدعو للأسف والحسرة أن نرى فئاتٍ في مجتمعاتنا لا يزالون، بعد كلّ تلك الأحاديث في فضل شهر رجب، في غفلتهم عَمِهِين، وعن المسارعة للخيرات فيه مُحجِمين؟

عجباً لهم وقد سمعوا قول رسول الله:

"أَلاَ إِنَّ  رَجَبَ شَهْرُ اللهِ الأَصَمّ وَهُوَ شَهْرٌ عَظِيْمٌ، وَإِنّمَا سُمِّيَ الأَصَمُّ لأَنّهُ لاَ يُقَارِبُهُ شَهْرٌ مِنَ الشُّهُوْرِ حُرْمَةً وَفَضْلاً عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَكَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يعُظِّمُوْنَهُ فِيْ جَاهِلِيَّتِهَا، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ لَمْ يَزْدَدْ إِلاَّ تَعْظِيْمَاً وَفَضْلاً.

أَلاَ إِنَّ رَجَبَ وَشَعْبَانَ شَهْرَايَ ، وَشَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ أُمَّتِيْ.

أَلاَ فَمَنْ صَامَ مِنْ رَجَبَ يَوْمَاً إِيْمَانَاً وَاحْتِسَابَاً اسْتَوْجَبَ رُضْوَانَ اللهِ الأَكْبَرِ، وَأَطْفَأَ صَوْمُهُ فِيْ ذَلِكَ اليَوْمِ غَضَبَ اللهِ، وَأُغْلِقَ عَنْهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ، وَلَوْ أُعْطِىَ مِلْء  الأَرْضِ ذَهَباً مَا كَانَ بَأَفْضَلَ مِنْ صَوْمِهِ ، وَلاَ يَسْتَكْمِلُ أَجْرَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا دُوْنَ الحَسَنَاتِ، إذَا أَخْلَصَهُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ ،.......

قِيْلَ : يَا نَبِيَّ اللهِ، فَمَنْ عَجِزَ عَنْ صِيَامِ رَجَبَ لِضَعْفٍ أَوْ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ، أَوْ امْرَأَةٍ غَيْرُ طَاهِرٍ، يَصْنَعُ مَاذَا لِيَنَالَ مَا وَصَفْتَهُ؟

قَالَ(ص) : يَتَصَدَّقُ كُلَّ يَوْمٍ بِرَغِيْفٍ عَلَىْ المَسَاكِيْنِ ، وَالذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنّهُ إِذَا تَصَدَّقَ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ كُلَّ يَوْمٍ نَالَ مَا وَصَفْتُ وَأَكْثَرَ، إِنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ جَمِيْعُ الخَلاَئِقِ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَلَىْ أَنْ يَقْدِرُوْا قَدْرَ ثَوَابِهِ مَا بَلَغُوْا عُشْرَ مَا يُصِيْبُ فِيْ الجِنَانِ مِنَ الفَضَائِلِ وَالدَّرَجَاتِ .

قِيْلَ : يَا رَسُوْلَ اللهِ فَمَنْ لَمْ يَقْدِرُ عَلَىْ هَذِهِ الصَّدَقَةِ، يَصْنَعُ مَاذَا لِيَنَالَ مَا وَصَفْتَ؟

قَالَ(ص): يُسَبِّحُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ رَجَبَ إِلَىْ تَمَامِ ثَلاَثِيْنَ يَوْمَاً بِهَذَا التَّسْبِيْحِ مِائَةَ مَرَّةٍ: سُبْحَانَ الإِلَهِ الجَلِيْلِ، سُبْحَانَ مَنْ لاَ يَنْبَغِيْ التَّسْبِيْحُ إِلاَّ  لَهُ، سُبْحَانَ الأَعَزِّ الأَكْرَمِ، سُبْحَانَ مَنْ لَبِسَ العِزَّ وَهُوَ لَهُ أَهْلٌ".

فاللهَ! اللهَ! في الإقبال على مزيد الطاعة والخير في هذا الشهر، وما أجملَ ما قاله إمامنا الخامنئي دام ظله في شهر رجب:

"إن الأهم هو الجانب المعنوي، فالبعض يتصور أن عليه الاستمرار على أداء الأعمال التي كان يؤديها سابقاً، إلا أن الصحيح هو أن عليه الاستزادة من تلك الأعمال إن كانت صالحة كالصوم المستحب والصلاة المستحبة ومراقبة النفس في أعمالها وهي من أهم الوظائف. وإن كانت تلك الأعمال غير صالحة فعليكم بذل الجهد من أجل التخلص منها لأن النفس البشرية تسعى نحو الكمال"

وفقنا الله وإياكم لأداء حق هذا الشهر العظيم بما فيه رضاه لخير الدنيا والآخرة.

وأسال الله تعالى أن يوفقنا و اياكم و الأمة الاسلامية جمعا لطاعته و عبادته و فأسال الله تعالى أن يوفقنا و اياكم و الأمة الاسلامية جمعا لطاعته و عبادته و أساله تعالى أن يوفقنا لننهل من المعارف الدينية الحقيقية الاصيلة وأتضرع الیه ان ياخذ بيدنا لتحصیل ما یوجب رضاه  بلزوم  تقواه. واستغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات. ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله:

 

الخطبة الثانية: 97/12/17     1 رجب 1440

أللهم صل وسلم علی صاحبة هذه البقعة الشریفة، الکریمة علی رسول الله و أمیر المومنین، و العزيزة علی أخویها الحسن والحسین، بطلة کربلا و عقیلة الهاشمیین ، بنت ولی الله، و أخت ولی الله، و عمة ولی الله، زینب الکبری علیها  أفضل صلوات المصلین.

أللهم وفقنا لخدمتها في هذا المکان الشریف، و هب لنا دعائها الزکي ، وارزقنا شفاعتها المقبولة، آمین یا رب العلمین.

عباد الله! أجدّد لنفسي ولکم الوصیة بتقوی الله، فإنها خیر الأمور وأفضلها.

أيها الاخوة و الأخوات!

وبعد أن استعرضنا بعضاً من فضائل شهر رجب المرجّب، هلمّوا بنا نعرِّج على أهمّ المناسبات التي يتزين بها الشهرُ من غرّته حتى نهايته، لنستذكرَ معاً مع أول أيامه الذي يصادف اليومَ ذكرى ميلاد الإمام الباقر (ع)؛ وبهذه المناسبة السعيدة نتقدم بأحرِّ التهاني من مولانا صاحب العصر والزمان (عج) وصاحبة هذا المقام الشريف السيدة زينب الكبرى (س) ومن مراجع التقليد العظام ولا سيما سماحة ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي دام ظله ومنكم جميعاً لهذه الذكرى المباركة.

لقد كان ذلك الإمام الهمام مثالاً للتقوى وخشية الله في السرّ والعلانية حتى صار مضرب المثل في تلك الخصلة الربانية. وكيف لا يكون كذلك وهذا ولده الإمام الصادق ع يصف أباه بالقول:

"کَانَ أَبِی یَقُولُ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ فِی تَضَرُّعِهِ: أَمَرْتَنِی فَلَمْ أَئْتَمِرْ [آتَمِرْ] وَ نَهَیْتَنِی فَلَمْ أَنْزَجِرْ فَهَا أَنَا ذَا عَبْدُکَ بَیْنَ یَدَیْکَ وَ لَا أَعْتَذِرُ".

إنّ تلك الكلماتِ بحق مولود اليوم الاول من شهر رجب، لتستأهل أن تكون عنوان طريق السالكين الى الله والساعين للمعنويات وخشية الله؛ وتلك من خصال عباد الله المقربين في شهر العبودية والعبادة، الذين لا يمنعهم اي مانع من التقرب الى الله باي ذريعة؛ اذ قد يكون الصوم في هذا الشهر شاقاً على البعض، فيستبدلون به الصدقةَ لينالوا اجر الصائمين فيه. واليكم ما روي في صدقات الامام الباقر ع على لسان ولده الامام الصادق ع حيث يقول: "دَخَلْتُ عَلَی أَبِی یَوْماً وَ هُوَ یَتَصَّدَّقُ عَلَی فُقَرَاءِ أَهْلِ الْمَدِینَةِ بِثَمَانِیَةِ آلَافِ دِینَارٍ وَ أَعْتَقَ أَهْلَ بَیْتٍ بَلَغُوا أَحَدَ عَشَرَ مَمْلُوکاً".

نعم! لقد كان امامنا الباقر ع يسعى من خلال ذلك التصدق لترسيخ ثقافة الاهتمام بحقوق الاخرين في سبيل القضاء على الفقر وتخفيف الحاجة في المجتمع دون تمييز بين انسان واخر على اساس عرقه او دينه او مذهبه؛ فالاسلام يرفض التعدي على أملاك الغير وحقوقهم مهما كانت انتماءاتهم الدينية، يقول ابو ثمامة : سالت الامام الباقر يوماً عن دين علي من احد اتباع فرقة المرجئة قبل انتقالي للسكن والاستقرار بمكة؟ فاجابني ع: "ارْجِعْ إِلَی مُؤَدَّی دَیْنِکَ وَ انْظُرْ أَنْ تَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَیْسَ عَلَیْکَ دَیْنٌ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یَخُونُ"

فما أحوج مجتمعاتنا اليوم لمثل هذه السلوكيات! ونحن نرى ما تعانيها من مصائب ومحن نتيجة ضرب حقوق الغير عرضَ الحائط. فلا حول ولا قوة الا بالله.

ألا يعلم أولئك المعتدون على حقوق الاخرين أنهم يخدمون، من حيث يدرون او لا يدرون، مشروع الاستكبار والصهيونية، الذي قام الكيان الصهيوني على أساسه باغتصاب حق الشعب الفلسطيني وتشريدهم واقامة دولة اسرائيل المزعومة على أرض لا صلةَ للصهاينة شُذّاذِ الآفاق بها وسْطَ تواطؤٍ عالمي مريب.

نعم! ايها الاخوة والاخوات!

إن تبشير سماحة امامنا الخامنئي دام ظله مراراً وتكراراً بحتمية زوال الكيان الصهيوني ليس مجردَ شعار فحسب، بل حقيقةٌ تاريخيةٌ دينيةٌ عقائديةٌ واخلاقيةٌ نابعةٌ من اصلٌ بديهيٍّ وهو أنّ من لا أصلَ له او جذورَ في ارضٍ ما لا يمكن له أن يستمر فيها مغتصباً بالقوة حتى ولو طال الزمن.

فكيف بالكيان الصهيوني وقوى الاحتلال الامريكي وهم يشهدون المنطقةَ من حولهم تحولت لبراكين غضب من الشعوب الرافضة لوجودهم والمتبنية لثقافة المقاومة ضدهم، والمستنكرة لممارسات بعض الحكام المخزية في الدعوة للتطبيع مع الكيان الغاصب.

وها نحن اليوم نشهد بحمد الله ثمرات تضحيات محور المقاومة انتصاراتٍ تلوَ اخرى على قوى الشر الاستكبارية والصهيونية وعملائها من التكفيريين الارهابيين رغم شدة الضغوط والمؤمرات، ولكن كما يقول امامنا الخامنئي دام ظله: ان مع الصبر نصراً...

وهو قولٌ التقى عليه شعبا ايران وسوريا المقاومان حين واجها عدوان الاصيل والوكيل معاً طوال تاريخهما المقاوم. فكما صمدت ايران الثورة وانتصرت بعد حرب السنوات الثماني المفروضة، كذلك انتصرت سوريا العروبة في حرب السنوات السبع الكونية التكفيرية التي استهدفتها.

كلُّ ذلك بفضل المقاومة قولاً وعملاً، والتي أثبتت الأيام والتجارب كما قال الامام الخامنئي دام ظله: ان كان الثمن الذي يجب دفعه مقابل الصمود والمقاومة غالياً، فان الثمن المدفوع مقابل الاستسلام والخنوع اغلى بكثير.

ويكفي ان نتأمّل في وجوه المنبطحين من دعاة التطبيع في اجتماعاتهم ومؤتمراتهم وقد صارت مسودّةً ترهقها قترة من الذل والمهانة.

بينما انظروا الى وجوه قادة محور المقاومة المسفرة الضاحكة المستبشرة بنصر الله، وهي تلتقي على العزة والسؤدد كما جرى في لقاء سيادة رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد مع سماحة الامام الخامنئي دام ظله في مشهدٍ سيخلّده التاريخ في ملاحمه الكبرى مصداقاً لقوله تعالى: "تعز من تشاء و تذل من تشاء".

ايها المؤمنون والمؤمنات!

اليوم عادت امريكا وحلفاؤها بعد سلسلة هزائمها واخفاقاتها في المنطقة لتفتح دفاترَها القديمة، لتعيد تجربة ما أثبت فشلَه مراراً وتكراراً، من خلال دقّ طبول الوعيد والتهديد بفرض أقسى العقوبات على الجمهورية الاسلامية ومحور المقاومة وادراج بعض عناصرها السياسية على قائمة ارهابها المزعوم على أمل أن تحقق في المضمار الاقتصادي والسياسي ما عجزت عن تحقيقه في الميدان العسكري!.

ولكن هيهات... هيهات... ان تنال من عزيمة محور المقاومة تلك التُرَّهاتُ الامريكية الصهيونية بإشهار سيف قوائم الارهاب، لاننا نعلم انهم الارهابيون الحقيقيون بجرائمهم التي ارتكبوها في فلسطين ولبنان والعراق واليمن وسوريا. وان كانت هناك جهةٌ وقعت ضحيةً للارهاب فانها محور المقاومة وشعوبها التي قدمت آلاف الشهداء نتيجة العمليات الارهابية المدعومة استكبارياً وصهيونياً ورجعياً... وفي هذا السياق نستذكر احد شهدائها الذي يصادف الاول من شهر رجب ذكرى شهادته الأليمة وهو الشهيد السعيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم رض الذي امتزجت دماؤه بدماء المؤمنين من المصلين الجمعةَ في أطهر بيوت الله بحرم مولانا امير المؤمنين ع بالنجف، في جريمة ليست بغريبة على أدوات الاستكبار والصهيونية التي لا ترعى حرمةً ولا ديناً، ليكرروا جريمتهم الشنعاءَ مرة اخرى فيما بعد ولكن بحق شهيد محرابٍ اخر وهو الشهيد الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي رض بنفس الطريقة وبنفس المكان... فرحمة الله على اولئك الشهداء...

والحمد لله الذي جعل اعداءنا من الحمقى الذين يكررون الاخطاءَ نفسَها بحق محور المقاومة، والتي لن تزيد المقاومين الا بصيرةً وصموداً وتمسكاً بالمبادئ كلّما اشتدَّت الخطوبُ والمحنُ.

فنحن ابناء رسول الله ص الذي صمد في شعب ابي طالب على الحصار والتجويع، ورفض قبل ذلك كلَّ المُغرَيات لرفع يده عن الدعوة للحق قائلاً:

"والله لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك ما ترکته".

ونحن نقول اليوم سيراً على ذلك النهج المحمدي:

واللهِ! لو عرضتم اموالَ الدنيا على محور المقاومة وقادتِها على ان يتخلوا عن مقاومتهم، لن يتنازلوا عنها قيدَ أنملةٍ... وكيف يفعلون ذلك وهي عنوانُ عزتهم وكرامتهم وانتصاراتهم وشرفهم... لا تزيدهم ضغوط الاعداء وتهديداتهم الا تمسكاً بها، استلهاماً من صرخة ابي الاحرار الحسين ع حينما قال:

الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين؛ بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة... هيهات منا الذلة...

فأسأل الله تعالى أن ينصر الأمة الاسلامية ومحور المقاومة والمجاهدين في كل مكان.

وأسأله تعالى أن ينصر جميع الشعوب المستضعفة في مواجهة المستكبرين والصهاينة والمتصهيِنين.

اللهم اغفر لنا، و لوالدینا و لمن وجب له حق علینا.

اللهم اصلح کل فاسد من امور المسلمین. اللهم لا تسلط علینا من لایرحمنا.

اللهم اید الاسلام و المسلمین، واخذل الکفار و المنافقین.

اللهم احفظ مراجعنا الدینیه لاسیما السید القائد الامام الخامنئی.

اللهم عجل لوليك الفرج و العافية و النصر واجعلنا من خير أعوانه و أنصاره و شيعته و محبيه.

استغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات. ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله:



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین