2024 March 19 - ‫الاثنين 09 رمضان 1445
إضاءات على أهمية واقعة أربعينية الإمام الحسين (ع)
رقم المطلب: ٥٤٧ تاریخ النشر: ١٦ صفر ١٤٤٠ - ٢١:٢٥ عدد المشاهدة: 926
خطبة صلاة الجمعة » عام
إضاءات على أهمية واقعة أربعينية الإمام الحسين (ع)

الخطبة الأولى: 16صفر 1440  - 139784

توصیة بتقوی الله عزوجل

عباد الله ! أوصیکم و نفسي بتقوی الله و اتباع أمره و نهیه و أحذركم من عقابه.

الموضوع: إضاءات على أهمية واقعة أربعينية الإمام الحسين (ع)

منذ مدّة جرت عادتنا بتخصيص خطبة الجمعة الأولى لنماذج من الأخلاق الإلهية والحديث عنها، ولكن بما أنّنا مقبلون في بحر الأسبوع القادم على مناسبة كبرى وهي ذكرى أربعينية سيد الشهداء (ع)؛ أخص كلمتي في هذه الخطبة بموضوع اربعين الامام الحسين(ع).

أيها المؤمنون والمؤمنات

كلّ جوانب الإمام الحسين (ع) فريدة؛ مع أنّ المعصومين (ع) جميعاً من نور واحد، إلا أنّهم أنفسَهم (أي المعصومين) كانوا يتعاملون مع قضيّة الحسين (ع) بطريقةٍ خاصّة ومميّزة.

كما ورد في رواية: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ‘يَقُولَانِ: إِنَّ اللَّه تَعَالَى عَوَّضَ الْحُسَيْنَ× مِنْ قَتْلِهِ أَنْ جَعَلَ الْإِمَامَةَ فِيْ ذُرِّيَّتِهِ، وَالشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ، وَإِجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ قَبْرِهِ، وَ لَا تُعَدُّ أَيَّامُ زَائِرِيهِ جَائِيَاً وَرَاجِعاً مِنْ عُمُرِه. .المحاسن ج‏2 ص 500.

وفي ذلك سرٌّ من أسرار الله أودعه في أبي الأحرار (ع)، يكشف بعضاً من أبعاده عبر التاريخ؛ ومنها الزيارة الأربعينيّة التي نحن على أعتابها.

ولن أخوض لضيق الوقت في أسرار مصطلح "الأربعين" بحدّ ذاته ودوره في بلوغ الكمالات الروحيّة والمقامات المعنويّة؛ إذ إنّ نظرةً عابرةً على ما ورد في معارف أهل البيت (ع) تغنيك عن التفصيل وتكفيك مؤونة الإطناب والتطويل، ولكن لا بأس بالإشارة لبعض منها:

منها: كمال العقل في الأربعين من العمر.

منها: ظهور آثار الإخلاص بعد التفرّغ للعبادة والدعاء أربعين يوماً.

منها: التوصیة بحفظ أربعين حديثاً ومن حفظها حشره الله فقیهاً.

منها: استجابة دعاء أربعين شخصاً مجتمعين. وكذلك الدعاء لأربعين مؤمناً لا سيّما فی قنوت صلاة الوتر.

منها: قراءة دعاء العهد أربعين صباحاً، ومن واظب عليها وفقه الله تعالی لیکون من اصحاب القائم(ع) قبل الموت او بعد الرجعة.

منها: عدم قبول صلاة شارب الخمر إلى أربعين يوماً.

منها: بكاء أهل الأرض وأهل السماء و ما فیهما والملائكة على الإمام الحسين عليه السلام أربعين صباحاً.

منها: استحباب زيارة الإمام الحسین (ع) فی یوم الأربعين من استشهاده (ع) بکیفیة خاصة كان  الامام الصادق(ع) أوّل من رسم معالمها.

وفي الأخيرة ميزة للحسين (ع) لم تسجَّل لأحد من المعصومين (ع) سواه؛ إذ لم تثبت لمن سبقه أو لحقه زيارة الأربعين.

أيها المؤمنون والمؤمنات

إنّ حثّ المعصومين (ع) علي زيارة الامام الحسين بشكل عام و على زيارة الأربعين بشكل خاص يعكس عمق أهميتها من جهات عديدة.

أما حثهم (ع) علي زيارة الامام الحسين(ع) بشكل عام  فهناك روايات منها ما روي.

عَنْ جَعْفَرٍ بْنِ مُحَمَّدٍ‘ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ زِيَارَةِ أَبِيْ عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنِ فَقِيْلَ هَلْ فِيْ ذَلِكَ وَقْتٌ هُوْ أَفْضَلُ مِنْ وَقْتٍ؟فَقَالَ×: زُوْرُوْهُ صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ فِيْ كُلِّ وَقْتٍ وَفِيْ كُلِّ حِيْنٍ فَإِنَّ زِيَارَتَهُ×خَيْرُ مَوْضُوْعٍ، فَمَنْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَقَدْ اسْتَكْثَرَ مِنْ الخَيْرِ وَمَنْ قَلَّلَ قُلِّلَ لَهُ...الإقبال لابن طاووس: ج1ص45.

فأحببت أن أستعرض بعضاً منها في ما يلي:

الأولی: إنّ الأربعين مرحلة هامّة من مراحل الثورة الحسينية، تلعب فيها الأمة ولا سيما أتباع مدرسة أهل البيت (ع) دوراً محورياً في إبقاء جذوة الثورة متّقدة حتى ظهور القائم (عج)؛ فقد أدى الحسين (ع) دوره فيها حتى استشهاده يوم عاشوراء، ثم أكملت زينب المسيرة ومن بعدها الإمام السجاد (ع)، وكذلك باقي المعصومين (ع)، لتقع المسؤولية على عاتق الأمة في عصر الغيبة لإكمال الطريق بالتمسك بالولاية والإمامة في مواجهة الظالمين.

الثانية: ان الأربعین مدرسة توحيدية إلهية تقرّب العبد من الله؛ وهي مدرسة أسسها الامام الصادق لتعلیم الناس زیاره جده الامام الحسین(ع) حیث قال فی روایة رواها عَلِیِّ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: یَا عَلِیُّ! زُرِ الْحُسَیْنَ وَ لَا تَدَعْهُ.

قَالَ: قُلْتُ مَا لِمَنْ أَتَاهُ مِنَ الثَّوَابِ؟

قَالَ: مَنْ أَتَاهُ مَاشِیاً کَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِکُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةً وَ مَحَى عَنْهُ سَیِّئَةً وَ رَفَعَ لَهُ دَرَجَةً. فَإِذَا أَتَاهُ، وَکَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَکَیْنِ یَکْتُبَانِ مَا خَرَجَ مِنْ فِیهِ مِنْ خَیْرٍ وَ لَا یَکْتُبَانِ مَا یَخْرُجُ مِنْ فِیهِ مِنْ شَرٍّ وَ لَا غَیْرَ ذَلِکَ.

فَإِذَا انْصَرَفَ وَدَّعُوهُ وَ قَالُوا: یَا وَلِیَّ اللَّهِ مَغْفُوراً لَکَ أَنْتَ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ وَ حِزْبِ رَسُولِهِ وَ حِزْبِ أَهْلِ بَیْتِ رَسُولِه، وَ اللَّهِ لَا تَرَى النَّارَ بِعَیْنِکَ أَبَداً وَ لَا تَرَاکَ وَ لَا تَطْعَمُکَ أَبَداً. (ابن قولویه، کامل الزیارات ص134.

الثالثة: ان زیاره الامام الحسین(ع) فی هذا الیوم ماشیاً أو راکباً، من بعید أو قریب، هي حلقة وصل بین الأمة و بین الامام المهدي (ع)؛ تأكيداً على الهدف الموحّد الذي يجمعهما في ملء الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت جوراً وظلماً، ويكفي أنّ أول بيان رسمي لصاحب الأمر حين ظهوره ستكون مستوحاة من كلمات جده الحسين (ع). وإنّ اجتماع الأمة لإحياء الأربعين بالملايين وفي مكان واحد من مختلف نقاط البسيطة مقدّمة أو بالمصطلح العسكري الحديث "مناورة بالذخيرة الحية المعنوية" استعداداً لظهور الموعود والانضواء تحت لوائه. اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه؛ حين ينادي مخاطباً العالم كلّه:

"الا يا اَهلَ العالَم! اَنَا الاِمام القائِم.

اَلا يا اَهلَ العالَم! اَنَا الصَّمصامُ المُنتَقِم.

اَلا يا اَهلَ العالَم! اِنَّ جَدِي الحُسَين قَتَلُوهُ عَطشاناً.

الا يا اَهلَ العالَم! اِنَّ جَدِي الحُسَين طَرَحُوهُ عُرياناً.

اَلا يا اَهلَ العالَم! اِنَّ جَدِي الحُسَين سَحَقُوهُ عُدواناً."

أسال الله تعالى أن يوفقنا لننهل من معارف مدرسة الامام الحسين(ع) التي هي المعارف الدينية الحقيقية الاصيلة واتضرع الیه ان ياخذ بيدنا لتحصیل ما یوجب رضاه  بلزوم  تقواه ویجنبنا جمیع المعاصي والذنوب.

 واستغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات. ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله:

الخطبة الثانية: 16صفر 1440  - 139784

أللهم صل و سلم علی صاحبة هذه البقعة الشریفة، الکریمة علی رسول الله و أمیر المومنین، و العزيزة علی أخویها الحسن والحسین، بطلة کربلا و عقیلة الهاشمیین ، بنت ولی الله، و أخت ولی الله، و عمة ولی الله، زینب الکبری علیها  أفضل صلوات المصلین.

أللهم وفقنا لخدمتها في هذا المکان الشریف، و هب لنا دعائها الزکي ، وارزقنا شفاعتها المقبولة، آمین یا رب العلمین.

عباد الله! أجدّد لنفسي ولکم الوصیة بتقوی الله، فإنها خیر الأمور وأفضلها.

ايها الاخوة و الأخوات!

انّنا مقبلون في بحر الأسبوع القادم على مناسبة كبرى وهي ذكرى أربعينية سيد الشهداء (ع)؛ تلك الواقعة التاريخية التي تجاوزت حدود الزمان والمكان وصارت خالدةً بخلود صاحبها، وتحوّلت إلى رمز يجمع ملايين البشر من مختلف جهات الأرض في مكان واحد وزمان واحد، بقلوب تملؤها حرارة العشق الحسينيّ وأفئدة تهفو لتلك القبة الزاهرة بعد قطعها مسافاتٍ طويلة على أقدامها في مسيرة لم ولن يشهد التاريخ مثيلاً لها "مشّايةً" لم يَفُتّ من عزمها السير على نهج الثورة الحسينيّة منذ قرون رغم ظلم الظالمين وطغيان الجبابرة الطاغين، ولسان حالهم وعملهم يردّد بأعلى الصوت: "لو قطّعوا أرجلنا واليدين... نأتيك زحفاً سيدي يا حسين"... ونحن معاً نردّد بأعلى الصوت: "لبيك يا حسين...".

ايها المومنون و المومنات!

عطفاً على بدءٍ؛ في سياق الحديث عن أهمية إحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين (ع)، لم أعثر على تحليل دقيق حول فلسفة تلك الواقعة أعمقَ وأرقى من كلام سماحة الإمام القائد الخامنئي (دام ظله) في هذا الخصوص.

وما يزيد من أهمية ما ذكر سماحته، أنّ كلماته التي سأوردها بعد قليل جاءت قبل أكثر من 45 عاماً مضت؛ أي قبل انتصار الثورة الإسلامية المبارك، وقبل أن تصبح مناسبة الأربعين بهذه المهابة من الإحياء والعالمية كما عليها اليوم. فقد ألقى سماحته تلك الكلمة بتاريخ يوم الجمعة الموافق للعشرين من شهر صفر سنة 1394 هـ.ق، وذلك ضمن سلسلة دروس شرح خطب نهج البلاغة التي كان يلقيها في مسجد الإمام الحسن (ع) بمدينة مشهد المقدّسة؛ إذ تزامن درس سماحته آنذاك مع مناسبة ذكرى أربعينية الإمام الحسين (ع)، فقدّم تحليلاً تاريخياً جامعاً عن فلسفة زيارة الأربعين وأهميتها، فقال (وأظنها تذكر لأول مرة باللغة العربية على هذا المنبر بجوار مقام السيدة زينب (ع) بتصرف وإيجاز):

"... كان الشيعة مشتَّتين في البلدان والنواحي؛ فبعضهم كان يقطن المدينة آخرون في الكوفة والبصرة والأهواز وقم وخراسان وغيرها من المناطق. إلا أنّ روحاً واحدةً كانت تجمع تلك الأعضاء المتفرّقة، كخيط المسبحة التي تنظّم حباتها وتصلها ببعض... ذلك الخيط كان يتمثّل في الولاء والطاعة لمركز القيادة المتمثّل بالإمام الذي كان محيطاً بأخبار شيعته وأتباعه. ولعل فردين من الشيعة في ذلك الزمان لم يكونا يعرفان بعضهما، إلا أنّ الإمام كان على تواصل معهما ومع جميع شيعته؛ يتلقى أخبارهم ويبلّغهم بتعاليمه. الأمر الذي جعل من ممارسات الشيعة ونشاطاتهم مدروسة وموزونة؛ فنداءاتهم وصمتهم وتصرفاتهم لا تصدر إلا وفق حساب وكتاب...

بقي نقص واحد كان يعيب عملهم؛ وتجسّد في قلّة تواصلهم مع بعض. نعم ربما كان تواصل أهل مدينة أو منطقة من الشيعة متاحاً. إلا أن الحاجة كانت ماسّةً لعقد منتدىً عالميٍّ يجمع الشيعة من مختلف الأصقاع، في زمان معيّن ومكان معيّن وظروف معيّنة. فتمّ تحديد المناسبة لذلك المؤتمر العالمي ووقع الأمر على مناسبة وزمان ذكرى أربعينية الحسين (ع)، والمكان أرض كربلاء...

لأن روح الشيعة روح كربلائية وعاشورائية تنبض قلوبهم بعاشوراء، يتوجهون إلى عاشوراء الحسين (ع) أينما وأنّى كانوا... وكلّ ما نشهده من حراكات شيعية تستمدّ قوتها من ذلك المرقد الحسيني الطاهر... أنها شعلة متقدة تستمدّ جذوتَها من تلك الروح الحسينية المقدّسة ويتعالى نورها من صعيده الطاهر لتوقد الأرواح والنفوس بحرارتها محوّلة إياهم لرصاصٍ حارقٍ تخترق قلوب الأعداء....

إذن قضية الأربعين قضية هامّة... فالأربعين ميقات الشيعة في مؤتمر عالمي دولي على أرض مليئة بالذكريات الجليلة العظيمة... أرض الشهداء... مزار المضحّين في سبيل الله... هناك حيث يجتمع أتباع أهل البيت (ع) ليتكاتفوا أكثر ويتعاهدوا على الوفاء والولاء... هذا هو الأربعين..."

هذا ما قاله الامام الخامنئي قبل 45 عاما‘ و في الاسبوع الماضي في لقائه مؤخراً مع عدد من عوائل شهداء الدفاع عن الحرم؛ حيث أشار إلى التشابه الموجود بين حركة المدافعين عن المقدسات خلال الأعوام الأخيرة وحركة من بذلوا الأرواح في فترة حكم الخلفاء العباسيين وقال سماحته: "لو لم يضحّ أحدٌ هناك، لما عمّت قوّة وهيمنة محبّة الإمام الحسين عليه السلام العالم هكذا ولكان العدو على بعد كيلومترات من القبر الشريف لأبي عبدالله الحسين عليه السلام.

ما قام به شهداؤكم هؤلاء في هذه الفترة من الزمن خارج البلاد يشبه في الواقع ما قام به أولئك الذين استطاعوا حفظ قبر سيدنا أبي عبد الله بأرواحهم".

وتابع سماحته: "  إذا كنتم ترون أفراداً من بلدان متعددة من فرس وترك وأردو وبلدان أوروبية وحتى من أمريكا  يشاركون في مسيرات الأربعين، فمن الذي قام بهذا؟

لقد وضع اللبنة الأولى والأساس لهذا العمل أولئك الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل زيارة قبر أبي عبد الله (عليه السلام).

وأبناؤكم هؤلاء أيضاً ساروا على هذا النحو والطريق و لو لم يكن أبناؤكم الأعزاء هؤلاء، وشهداؤكم الأبرار، هؤلاء الذين ساروا وتحملوا كل ذلك الجهاد، لبلغ العدو مشارف القبر الشريف لسيدنا أبي عبد الله وتقدّم إلى مسافة عدة كيلومترات من كربلاء، كانوا يقصفون كربلاء بقاذفات قصيرة المدى  قذائف 60ـ

شبابكم هؤلاء ساروا بين آلاف الأشخاص الآخرين وكشفوا ذلك البلاء عن الإسلام والمسلمين.

نعم أيها الأعزاء! خطاب سماحة الإمام القائد (دام ظله) موجه إليكم أيضاً؛ يا أبناء المقاومة في سوريا الصمود والعراق الأبيّ... ألم تشهدوا قبل سنوات تغَوّل داعش والتكفيريين الإرهابيين بدعم من الاستكبار والصهيونية والرجعية؟ ألم يكونوا على بُعد عشرات الأمتار من مقام السيدة زينب (س)؟ ألم يحاولوا سدّ الطريق على الزوار ونشر الخوف والفوضى؟

فماذا كانت النتيجة؟ هبّ أبناء الحسين (ع) شباباً وشيوخاً وأطفالاً ونساءً للدفاع عن دينهم ووطنهم وعزتهم وكرامتهم... وضربوا أروع أمثلة التضحية والفداء... وقدموا الشهداء تلوَ الشهداء... حتى اندحر الأعداء وخاب سعيهم مذؤومين مدحورين.

وها نحن اليوم وعلى أعتاب أربعين الحسين (ع)، وببركة دماء الشهداء وتضحياتهم ننعم والزوار بالأمن والأمان في أداء مراسم زيارة الأربعين سواء في سوريا أو العراق...

فتحيةً وسلاماً للشهداء مدافعي الحرم والجرحى الشهداء الأحياء وعوائلهم المضحية... وتحية لمحور المقاومة وأبنائها على امتداد المنطقة من إيران للعراق لسوريا للبنان واليمن وفلسطين...

ومن المشهور عند الشيعة أنّ الأربعين هو اليوم الذي زار فيه الصحابيّ الجليل قبر الإمام الحسين عليه السلام، وفي نفس ذلك المكان والزمان حصل لقاء بينه وبين أهل البيت عليهم السلام عندما رجعوا من الشام لزيارة الإمام الحسين عليه السلام.

ولنستمع إلى تفاصيل تلك الزيارة التاريخية:

"عن عطيّة العوفيّ قال: خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاريّ زائراً قبر الحسين عليه السلام، فلمّا وردنا كربلاء دنا جابر من شاطئ الفرات, فاغتسل ثمّ اتّزر بإزار وارتدى بآخر. ثمّ فتح صرّة فيها سُعدٌ  فنثرها على بدنه, ثمّ لم يخطو خطوة إلّا ذكر الله تعالى, حتّى إذا دنا من القبر قال: ألمسنيه..

فألمستُهُ فخرّ على القبر مغشيّاً عليه, فرششت عليه شيئاً من الماء، فلمّا أفاق قال: يا حسين ثلاثاً ثمّ قال: حبيب لا يجيب حبيبه.

ثمّ قال: وأنّى لك بالجواب, وقد شحطت أوداجك على أثباجك, وفرّق بين بدنك ورأسك، فأشهد أنّك ابن خاتم النبيّين, وابن سيّد المؤمنين, وابن حلیف التقوی وابن فاطمة سيّدة النساء، وما لك لا تكون هكذا.

وقد غذّتك كفّ سيّد المرسلين, وربّيت في حجر المتّقين, ورضعت من ثدي الإيمان, وفطمت بالإسلام, فطبت حيّاً وطبت ميّتاً, غير أنّ قلوبَ المؤمنين غير طَيّبةٍ بفراقك, ولا شاكّةٍ في الخيرة لك، فعليك سلام الله ورضوانه، وأشهد أنّك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريّا.

ثمّ جال ببصره حول القبر وقال: السلام عليكم أيّتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين وأناخت برحله، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.

قال عطيّة:فقلت له يا جابر فكيف ولم نهبط وادياً ولم نعلُ جبلاً, ولم نضرب بسيف والقوم قد فرّق بين رؤوسهم وأبدانهم وأوتمت أولادهم وأرملت أزواجهم؟ فقال (لي): يا عطيّة سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول: "من أحبّ قوماً حُشر معهم, ومن أحبّ عمل قوم أُشرك في عملهم".

قال عطيّة: فبينما نحن كذلك وإذا بسواد قد طلع من ناحية الشام، فقلت: يا جابر هذا سواد قد طلع من ناحية الشام، فقال جابر لعبده:

انطلق إلى هذا السواد وأتنا بخبره، قال فمضى العبد، فما كان بأسرع من أن رجع وهو يقول: يا جابر قم واستقبل حرم رسول الله، هذا زين العابدين عليه السلام قد جاء بعمّاته وأخواته، فقام جابر يمشي حافي القدمين مكشوف الرأس إلى أن دنا من زين العابدين عليه السلام.

فقال الإمام عليه السلام: "أنت جابر؟" فقال: نعم يا بن رسول الله، فقال: "يا جابر ها هنا والله قُتلت رجالنا, وذُبحت أطفالنا, وسُبيت نساؤنا وحُرقت خيامنا"." ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

اللهم اغفر لنا، و لوالدینا و لمن وجب له حق علینا.

اللهم اصلح کل فاسد من امور المسلمین. اللهم لا تسلط علینا من لایرحمنا.

اللهم اید الاسلام و المسلمین، واخذل الکفار و المنافقین.

اللهم انصر المجاهدین في كل مكان. اللهم فک اسرانا و المحاصرین فی بلادنا من اخواننا المسلمین.

اللهم احفظ مراجعنا الدینیه لاسیما السید القائد الامام الخامنئی.

اللهم عجل لوليك الفرج و العافية و النصر واجعلنا من خير أعوانه و أنصاره و شيعته و محبيه.

نسأله تعالى أن يتقبل زيارة زوار الاربعين ويعيدهم إلى أهلهم وذويهم سالمين غانمين.

ونسأله تعالى أن يوفقنا لزيارة الحسين (ع) في الدنيا وشفاعته في الأخرى كما وفقنا لزيارة أخته العقيلة زينب (س)....

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.

 استغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات. ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله:



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری:
  

أحدث العناوین