نسخة الموبایل
www.tabatabaey .com
خارج الفقه(كتاب النكاح)1439 المسألة 22 متن
رقم المطلب: 481 تاریخ النشر: 29 رجب 1439 - 02:24 عدد المشاهدة: 1268
دروس بحث الخارج » خارج الفقه(كتاب النكاح)1439
خارج الفقه(كتاب النكاح)1439 المسألة 22 متن

 

مسألة 22: يستثنى‏ من حرمة النظر و اللّمس في الأجنبي و الأجنبية مقام المعالجة إذا لم يمكن بالمماثل، كمعرفة النبض إذا لم تمكن بآلة نحو الدرجة و غيرها، و الفصد و الحجامة و جبر الكسر و نحو ذلك.

و مقام الضرورة، كما إذا توقّف استنقاذه من الغرق أو الحرق على النظر و اللّمس، و إذا اقتضت الضرورة أو توقّف العلاج على النظر دون اللّمس أو العكس اقتصر على ما اضطرّ إليه، و فيما يضطر إليه اقتصر على مقدار الضرورة، فلا يجوز الآخر و لا التعدّي.

 

تمهید فی عنوان البحث

 لما فرغ السید الماتن من ایراد البحث في مسالة النظر واللمس من الاجنبی و الاجنبیة، والقول بعدم جوازهما، بدأ بذكر مستثنیاتها واستثنی منهما  مقامین وانحصر البحث فیهما:

الاول: مقام الضروره.

والثانی: مقام المعالحه.

و ان یحتمل ان یستفاد من عباره الماتن مقاما ثالثا و هو مقام الاضطرار حیث ذکر فی ضمن المساله (اقتصر على ما اضطرّ إليه، و فيما يضطر إليه اقتصر على مقدار الضرورة) و یحتمل ان یکون مراده مرادفا للضرورة  و ليس مقاما آخر في الاستثناء.

و لکن بعض الفقهاء الاعاظم كالسيد اليزدي في العروة ذكر أربعة موارد و زاد مقامین آخرین و هما مقام معارضة كل ما هو أهم  في نظر الشارع و مقام الشهاده.

و و بعض آخر غیروا العنوان فی البحث  و جعلوا عنوانا آخر کالشهید الثانی فی المسالک و العلامه الحلی فی التذکره  ج 2  ص 573، حیث عنونا المستثنیات من الحرمه بعنوان مقام الحاجه و ذکرا في ذیله أمثلة کثیرة کارادة النکاح و ارادة الشراء الذی یحتاج الی معرفة المشتري والبایع، و مقام الشهاده والمعالجه و غیرها.

لانه اذا يريد الفقيه أن يحصي موارد الاستثناء فموارده كثيرة جدا.

منها: المرض، فيجوز للطبيب أن ينظر إلى عورة الأجنبيّة فضلا عن سائر مواضع جسدها.

منها: ما تقدّم من جواز النظر إلى من يراد تزويجها أو شراؤها.

منها: أداء الشهادة على المرأة، و تحمّل الشهادة عليها.

منها: توقف إنقاذها من مهلكة أو مضرّة على النظر.

منها: النظر إلى فرج الزانيين، ليشهد عليهما بالزنى عند الحاكم.

منها : لو دعت الحاجة إلى شهادة الرجال بالولادة، فقد جوّز النظر حينئذ إلى فرج المرأة لتشهد بالولادة.

و منها: ما لو كانت المنظورة عجوزة قد يئست من النكاح لكبر سنّها، و ليست مظنّة للشهوة.

و منها : ما لو كانت المنظورة غير بالغة و زائل في بعض العبادات:

منها : النظر علي الثدي للشهادة علي الرضاع.

منها : معارضة كل ما هو أهم في نظر الشارع مراعاته من مراعات حرمة النظر او اللمس

فلذلك نحن نعتقد أن ما فعله الشهید والعلامه فی عنوان البحث اولی و اجمل ، لانک لو تاملت فی مواردها ، یظهر لک ان کلا من المستثنیات من الحرمة من مصادیق الحاجة والضرورة و یندرج تحت قاعدة الاهم و المهم و لا يحتاج الی ذکر عناوین متعددة كي یوجب ترک بعض مصادیقها و ذکر بعض آخر.

فالاولى في هذه المقام أن يجعل العنوان في مستثنيات حكم النظر واللمس (موارد تعارض الأهم و المهم) ثم يذكر الموارد.

 

الأقوال في المسالة:

ان الظاهر ان المسالة اجماعیة لا مخالف فیها و الیک نصوص بعض کلمات الفقهاء:

قال المحقق في الشرائع:

و يجوز عند الضرورة كما إذا أراد الشهادة عليها و يقتصر الناظر منها على ما يضطر إلى الاطلاع عليه كالطبيب إذا احتاجت المرأة إليه للعلاج و لو إلى العورة دفعا للضر. شرائع الاسلام.

 

قال الشهید الثانی:

قد عرفت أن موضع المنع من نظر كل من الرجل والمرأة إلى الآخر مشروط بعدم الحاجة إليه ، أما معه فيجوز اجماعا .

وقد تقدم من مواضع الحاجة النظر إلى من يريد نكاحها أو شراءها ، ومنها إرادة الشهادة عليها تحملا أو أداء ، وللمعاملة ليعرفها إذا احتاج إليها ، وللفصد والحجامة وما شاكلهما من الطبيب ونحوه حيث يحتاج إلى شئ منه .

ويختص الجواز في الجميع بما تندفع به الحاجة ، ففي مثل الشهادة يكفي نظر الوجه ، واستثناؤه حينئذ من المنع على تقدير القول به مطلقا ، أو مع افتقاره إلى التكرار ، أو بغير كراهة ، أو مع الحاجة إلى الزيادة عليه لو فرض . وفي مثل الطبيب لا يختص بعضو معين ، بل بمحل الحاجة ولو إلى العورة . وكما يجوز النظر يجوز اللمس هنا حيث يتوقف عليه . ولو أمكن الطبيب استنابة امرأة أو محرم أو الزوج - قي موضع العورة - في لمس المحل ووضع الدواء وجب تقديمه على مباشرة الطبيب .

والأقوى اشتراط عدم إمكان المماثل المساوي له في المعرفة أو فيما تندفع به إلحاجة . ولا يشترط في جوازه خوف فساد المحل ، ولا خوف شدة الضنى ، بل المشقة بترك العلاج ، أو بطوء البرء . مسالك الأفهام  ج 7  شرح ص 49.

 

قال العلامه الحلی:

القسم الثاني ان يكون هنا ك حاجة إلى النظر فيجوز اجماعا كمن يريد نكاح امرأة فإنه يجوز له النظر إلى وجهها وكفيها على ما تقدم وكذا لمن يريد شراء جارية فإنه يجوز له النظر إليها والى جسدها من فوق الثياب ومكشوفة للحاجة إلى التطلع إليها لئلا يكون فيه ألعيب فيحتاج إلى الاطلاع عليه وكذا إذا عامل امرأة ببيع أو غيره أو يتحمل شهادة عليها جاز له النظر إلى وجهها ليعرفها عند الحاجة ولا ينظر إلى غير الوجه لزوال الضرورة به وإذا نظر إليها وتحمل الشهادة كلفت الكشف عن وجهها عند الأداء .

وكذا يجوز النظر واللمس للفصد والحجامة ولمعالجة العلة ويجوز للطبيب النظر إلى فرج المرأة للمعالجة مع الحاجة ولا يشترط في جواز نظره خوف فوات العضو بل المشقة بترك العلاج خلافا لبعض الشافعية ولا خوف شدة الضناء خلافا لبعضهم وينبغي ان يكون ذلك بحضور محرم وهل يشترط عدم امرأة يعالج وفي جواز نظر المرأة إلى الرجل لان لا يكون هناك رجل يعالج نظر. تذكرة الفقهاء (ط.ق) ج 2  ص 573.

 

قال صاحب الجواهر:

لا ريب في أنه ( يجوز عند الضرورة ) نظر كل من الرجل والمرأة إلى الآخر ولمسه ، بل وغيرهما مما تقتضي الضرورة به. جواهر الكلام  ج 29  ص 87.

 

فتلخص مما ذکرناه من اقوال اصحابنا الامامیه ان المساله کما قلناه آنفا اجماعیه لا مخالف فی البین، حتی ان العامه ایضا موافقون فی اصل المساله و صرحوا فی فتیاهم .

قال ابن قدامه فی المغنی:

 ( فصل ) فيمن يباح له النظر من الأجانب ، يباح للطيب النظر إلى ما تدعوا إليه الحاجة من بدنها من العورة وغيرها فإنه موضع حاجة .......

وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها لتكون الشهادة واقعة على عينها ، قال احمد لا يشهد على امرأة إلا أن يكون قد عرفها بعينها وان عامل امرأة في بيع أو إجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها فيرجع عليها بالدرك.

 وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة أو يستغنى عن المعاملة فأما مع الحاجة وعدم الشهوة فلا بأس به. المغني لابن قدامه:  ج 7  ص 459.

 

ظهر لکل من تامل فی الاقوال المذکوره ان المساله و ان کان لها جهات عدیده مشتمله علی فروع متنوعه ، لکن الاتفاق فی جمیع مواردها مشهوده  بین الفریقین، بما ان لجمیعها ملاک و معیار واحد و هو الحاجه و الضروره و ان الفریقین متفق علیها ، و من هذه الجهه یرسلونها ارسال المسلمات کما عن ابن قدامه.

 

 

اشارات عابرة الى أهمية قاعدة تقديم الاهم على المهم

الاولي: دور القواعد الفقهية في الاجتهاد

لا شكّ و لا ترديد في أن الاجتهاد يتوقف علي مقدمات عديدة‘ و لا ريب في أنّ إحدى المقدّمات المهمّة، العلم بالقواعد الفقهية‘ و من الواضح تأثير واسع لهذا العلم في عملية الاجتهاد والاستنباط.

و لا يمكن أن نتصور أنّ القواعد الفقهية هي الفقه نفسه وليست شيئاً آخر، لأن القواعد الفقهية علم مستقلّ يختلف عن علم أصول الفقه وعن علم الفقه و يمكن القول بان هذه العلم بمثابة برزخ بين الفقه و أصول الفقه.

لأن القواعد الفقهية عبارة عن الأحكام العامة الجارية في أبواب مختلفة من الفقه، و ليست عبارة عن الأحكام الخاصّة المترتبة على الموضوعات الجزئية.

والقواعد تنقسم الى أقسام: منها ما يتعلق بباب خاص من الفقه. و منها ما لا يتعلق بباب من الفقه بل تشمل أكثر أبواب الفقه.

 

الثانية: عنوان القاعدة

بعض من الفقهاء يعبرون عنها بالقاعدة و بعض آخر يعبرونها بالاصل و لافرق بينهما و بين هذين اللفظين و المراد منهما واحد.

و كذلك يوجد الخلاف بين العلماء من جهة التعبير بعنوان القاعدة نظير: (قاعدة الاهم و المهم) ‘ ( قاعدة تقديم الاهم علي المهم) ‘ (قاعدة التزاحم بين الاهم و المهم) (فقه المصالح و المفاسد) و (الضرر الأشدّ يزال بالضرر الأخفّ) و...

وقد يرى البعض افضلية جعل عنوان القاعدة (التزاحم) كما صنع الاصوليون بلحاظ ان التزاحم يشمل ملاكات القاعدة التي هي عبارة عن الاهمية  و احرازها و اجتمالها و تساوي المصالح و المفاسد و لكن الظاهر ان جعل العنوان لا يضر بالمسالة ولا يخل بالملاكات‘ لان الاهم والمهم عنوان واسع يدخل تحته كل هذه الامور.

 

الثالثة: تاريخ القاعدة

ان اصطلاح (الاهم والمهم) واطلاقه على هذه القاعدة ليس اصطلاحا قديما بل هو اصطلاح جديد و استعماله رايج عند متاخري المتاخرين والمعاصرين  فقط.

كصاحب الجواهر و صاحب العروة و المستمسك و التنقيح للسيد الخوئي و.... ولم نعثر على التعبير عند المتاخرين فضلا عن القدماء.
نعم ان القدماء من الفقهاء قد عبروا عن ذلك بالمصلحة والمفسدة كما عن ابن ادريس قد في السرائر في احكام الاموات والمحقق في الشرائع في باب القضاء و ... ولعل اقدم فقيه عبر عنها بالقاعدة المذكورة (الاهم والمهم) هو الفاضل المقداد في كتاب ( نضد القواعد) في باب تعارض المصلحة والمفسدة بين تطبيق الحدود الشرعية بما فيها من الاهم وبين تركها الموجب للمفسدة الاعظم و كذلك في باب تعارض امر المصلي بين الصلاة باللباس النجس او الصلاة مكشوف العورة قال: فان فيه مفسدة لما فيه من الاخلال بتعظيم الله في انه لا يناجى على تلك الاحوال ,الا أن تحصيل الصلاة أهم .

 

الرابعة: دور هذه القاعدة في أبواب شتي من الفقه

لا ريب في أن المتتبع في الفقه و في الابواب المختلفة للفقه من الطهارة الى الديات سواء على طريقة القدماء أو على طريقة المتاخرين‘مضافا الى الادلة الخاصة‘ يجد قانونا استثنائيا حاكما على الادلة ومتقدما عليها في صورة حصول التدافع والتزاحم بين الموارد‘ و ذلك هو قانون الاهم والمهم.

و هذا القانون حاكم على السياسة والاجتماع والاقتصاد والاسرة والطب و تعلم العلم والدولة ونحوها.

فلذلك يمكن القول بأنه ما من مورد تزاحم فيه حكمان او موضوعان وأحرز بينهما الاهم الاّ ويتقدم على غيره في أي باب من ابواب الفقه الذي يجري في جميع شئون البشر.

فثبت أن هذه القاعدة من القواعد العامة الجارية في أكثر ابواب الفقه.

 

الخامسة: الاهم و المهم من العناوين الثانوية و القاعدة حاكمة حتى على الادلة الثانوية

العنوان المأخوذ في الموضوع مرة قد يكون "عنواناً ثابتاً له فيسمى عنواناً أولياً، و اُخرى يكون من العوارض والطوارى التي قد يلحقها ويتغير بها حكمه، فيسمى عنواناً ثانوياً.
كلحم الميّتة حرام اكله ذاتاً بما أنها ميّتة، ولكن عروض عنوان الاضطرار يوجب تغيير حكمها مؤقتاً، ثمّ بعد زواله يرجع إلى ما كان عليه، و كذا بالنسبة إلى حرمة الكذب، وإباحته أحياناً لما فيه من اصلاح ذات البين، فالكذب عنوان ثابت أولى للحرمة لايتغير من هذه الجهة ولكن عنوان "اصلاح ذات البين" أمر عارضي مؤقت يوجب إباحته فعلاً.
وهكذا في وجوب مسح الرأس والرجلين في الوضوء أولا ولكن عروض عنوان التقية قد يوجب تغيير حكمه وتبدله بالغسل، وفي صورة زوال التقية يزال حكمها.
فمن هذه الموارد و الأمثلة يظهر حال العناوين الثّانوية و تميزها عن العناوين الأولية و لكن المهم أن نعرف أن هذه القاعدة حاكمة على كل من العناوين الاوليه و يغيرها بالثانوية و كذلك حاكمة علي العناوين الثانوية.

يعني ما من دليل ثانوي يتقدم على الدليل الأولي الا ويخضع لهذا القانون عند التعارض!

فلذلك أن قانون الاهم والمهم يتقدم على الادلة الاولية بل حتى على الادلة الثانوية  مثل دليل (لاضرر ولا ضرار) و(لاحرج) في حين أنهما يعتبران من أوسع الادلة الثانوية و لهما حكومة على غيرهما كما أنه معروف من الفقه.

 

السادسة: قاعدة الاهم و المهم يدل عليها العقل و الشرع

قاعدة الأهم والمهم عند التزاحم يدلّ عليها "العقل" و "الشرع" و هي الروح التي تقف عند الأدلة العقلية و الشرعية بل يمكن إقامة الأدلّة الأربعة علي اثباتها  كما لايخفى على من تأمل أدني التامل في الفقه و أمثلتها كثيرة جدا.

بل يمكن القول بارجاع  عدة من المسائل كمسألة مستثنيات الكذب والغيبة وكذا قاعدة الضرورة والاضطرار وكذا الضرر والضرار، و مسألة التقية (سواء الخوفي والتحبيبي منها) الي هذه الاقاعدة المهمة.

لأنه في جميع هذه الموارد يدور الأمر بين مصلحتين، ويقع التزاحم بين ملاكين فيؤخذ بالأقوى منهما،  و هذه هو المراد من نفس القاعدة .

وبهذا البيان يمكن ارجاع كثير من العناوين الثّانوية إلى قاعدة الأهم والمهم.

 

 

 

 

 

نقطة مهمة:

هناك نقطة مهمة و لابدّ لنا من التأكيد عليها و هو أن معرفة المصالح والمفاسد، والأهم من غير الأهم، لابدّ أن يكون بحسب مذاق الشرع، وما يعرف من لسان أدلته، و من اهتمام الشارع المقدس ببعض الاُمور أكثر من بعض، لابحسب مذاقنا وما يخطر ببالنا و في أذهاننا من الاستحسانات.
و بالنتيجة أن معرفة مصاديق و موارد هذه القاعدة إنّما هو موكول إلى الفقيه العالم بلسان الشرع لا إلى الاستحسانات والعقول الضعيفة.

 

الادله فی المقام

ان الادله التی یمکن ان یستدل بها علی المطلوب ، طائفتان من الدلیل: دلیل عقلی و دلیل نقلی.

اما من الدلیل العقلی قاعده الاهم و المهم و من النقلی الروایات والاخبار.

 

قاعده الاهم والمهم:

بما ان جمیع موارد الاستثناء من حرمه النظر و اللمس، لها ملاک واحد ، و هو الحاجه الی النظر و اللمس بشکل اهم، فقاعده الاهم و المهم یقتضی ذلک بحکم العقل استقلالا، و یصح الاستدلال به علیه.

اعلم ان القاعده من القواعد العقلیه التی یحکم بها العقل محضا، یعنی ان العقل یحکم بان هذا اهم من ذاک، و تقدیمه علی ذلک بلا مانع یمنعه، بل یجب تقدیمه علیه.

و بما انها قاعده عقلیه ، دل علیها صریح العقل و علیها بناء العقلاء.

ثم اعلم ان جمیع الموارد التی یشملها الدلیل کالمعالجه والشهاده والبیع و غیرها من مصادیق الاهم و المهم.

یعنی اذا دار الامر مثلا بین الاجتناب عن اللمس و النظر الحرام بالاجنبی ، و بین استنقاذ المخالف عریانا او مستلزما للنظر و اللمس، فالعقل یحکم بان الاول مهم و الثانی اهم و یجب تقدیم الاهم.

او دار الامر بین ان نجتنب عن اللمس و النظر الحرام و بین معالجه المرض بتوسط المخالف الاجنبی والاجنبیه اذا لم لم تمکن المعالجه بالمماثل او بواسطه المماثل، فالعقل یحکم لنا بان الاول مهم و الثانی اهم یجب تقدیمه.

و کذا اذا دار الامر بین الاجتناب عن النظر الی الاجنبیه و بین النظر لمرید النکاح، و کذا اذا دار الامر بین الاجتناب عن النظر الی الاجنبی والاجنبیه و بین النظر لمرید البیع حین البیع لمعرفه المشتری اذا اقتضت الضروره العرفیه.

و کذا اذا دار الامر بین اجتناب غیبه المسلم والمومن و بین المشوره لامر مهم یستلزم المعرفه التفصیلیه بمورده.

وکذا اذا دار الامر بین الاجتناب عن الکذب الحرام و بین ارتکاب الکذب لاصلاح ذات البین.

و کذا سایر الموارد التی کانت بین الاهم و المهم فی نظر العرف، کل یحکم العقل بامتثال الاهم و ترک المهم.

و لاریب فی حکم العقل علی کبری هذه القضیه العقلیه ، و هذا الحکم مما لاینکره عقل احد بل یشهد بصحتها ، و اذا اشتبه الامر و وقع الشک من احد فی هذه القضیه، فالشک فی تشحیص صغریاتها الجزئیه.

و هذه قاعده عقلیه قطعیه مسلمه ، المویده بما فی الکتاب والسنه، و هی اقوی الدلیل علی ذلک.

 

و اما من الدلیل النقلی طوائف من الاخبار:

الطائفه الاولی: الاخبار المطلقة الرافعة باطلاقها للتکلیف عن المضطر فی مقام الاضطرار

1 - وبالاسناد عن سماعة قال : سألته عن الرجل يكون في عينيه الماء فينتزع الماء منها فيستلقي على ظهره الأيام الكثيرة : أربعين يوما أو أقل أو أكثر فيمتنع من الصلاة الأيام  إلا إيماء وهو على حاله؟

فقال : لا بأس بذلك ، وليس شئ مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه . وسائل الشيعة کتاب الصلاه، ابواب القیام، باب 1 ح 6.

لاریب فی ان المراد من الاسناد ، اسناد الشیخ الی سماعه بن مهران.

و فیه نکتتان:

الاولی: لم یذکر فی الخبر ذکر المعصوم ، بل اورده مضمره، و لکن یمکن ان یستفاد ان سماعه رواه عن الصادق(ع) لان الصدوق رواه عن سماعه عن الصادق و هو یوید ان هذا ایضا منه(ع)، و بهذا یستظهر اعتباره سنده.

الثانیه: دلالتها علی المطلوب ایضا واضحه، لانه (ع) ذکر الکبری الکلیه فی ذیل الخبر بعنوان التعلیل و هو یثبت المدعی.

 

2 - محمد بن الحسن باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حسين ، عن سماعة ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام )  عن المريض هل تمسك له المرأة شيئا فيسجد عليه ؟

فقال : لا إلا أن يكون مضطرا ليس عنده غيرها وليس شئ مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه . وسائل الشيعة کتاب الصلاه، ابواب القیام، باب 1 ح 7.

سنده معتبر ، و ان قیل فیه ضعف، بما ان فضاله مشترک بین جماعه، و لکن یمکن ان تدفع عنه الایراد ، و یحکم بان فضاله هو فضاله بن ایوب الازدی بقرینه روایه الحسین بن سعید عنه.

ودلالته علی المدعی ای الکبری الکلیه واضح و صریح فیه.

3 - وعن سماعة عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إذا حلف الرجل تقية لم   يضره إذا هو اكره واضطر إليه ، وقال : ليس شئ مما حرم الله الا وقد أحله لمن اضطر إليه . وسائل الشيعة ، کتاب الایمان، باب 13 ح 18.

دلالته علی المطلوب واضحه ، و سنده ایضا کسابقه

 

4 - زيد النرسي في أصله : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أنه قال في حديث : " وما حرم الله حراما فأحله الا للمضطر ، ولا أحل الله حلالا قط ثم حرمه. مستدرك الوسائل ج 12  ص 259.

فتحصل لنا،  اذا تاملنا فی اخبار هذه الطائفه ای الاخبار الداله علی العموم، ظهر لنا انها فوق خبر الواحد و اذا بلغ الخبر بحد الاستفاضه لا بحث لنا فی سنده ، بل نزلناه منزله المعتبر و دلالتها ایضا تامة لایرد علیه شیء، فعلیهذا دلالة هذه الطائفة علی المطلوب تامة.

 

 

الحديث الاخلاقي:

وقال علي عليه السلام: مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً ْ فَلْيَبْدَأْ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالْإِجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ. نهج البلاغة: الحكمة 70.

و قال علي (ع): عحبت لمن يتصدى لاصلاح الناس و نفسه أشد شيء فسادا‘ فلا يصلحها و يتعاطى اصلاح غيره. غرر الحكم: 6268.

النقاط المهمة في الحديث:

1 - ان تعليم النفس يجب أن يكون مقدما على تعليم الغير.

2 - ان التعليم الغير يجب أن يكون بالعمل و السيرة قبل تعليمهم بالقول والموعظة. (هذه النقطة تاكيد علي النقطة الاولى لان من لم يبدأ بتعليم نفسه كيف يمكن أن يبدأ بتعليم الناس بالعمل و السيرة)

3 - ان تكريم و اجلال معلم النفس و مربي النفس أهم و أوجب بالنسبة الى تكريم معلم الغير(الذي يكون متداولا بين المجتمع هو تكريم مربي و معلم الغير و معلم النفس لا يكرمها و لا يعظمها أحد)

4 - لما ذا تعجب مولانا أمير المومنين من الذي يعمل بالعكس في تربية الخلق؟

لعل تعجب الامام علي (ع) في الحديث الثاني لأمرين: الاول: لعدم تاثيره أو قلة تاثيره! الثاني: لجرأة هذا الشخص علي ارتكاب هذا العمل.

و كل هذه الامور في الحقيقة تاكيد علي ضرورة أهتمام المبلغ و المربي و المعلم بتعليم و تربية و تبليغ النفس لا الاجتناب عن تعليم الغير و لو كان الانسان غير متلبس بهذا اللباس.

 

 

الطائفة الثانیة: الأخبار الدالة علی خصوص مورد الاضطرار

الاول: َصحيحة الثُّمَالِيِّ.

محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ يُصِيبُهَا الْبَلَاءُ فِي جَسَدِهَا إِمَّا كَسْرٌ وَ إِمَّا جُرْحٌ فِي مَكَانٍ لَا يَصْلُحُ النَّظَرُ إِلَيْهِ‘ يَكُونُ الرَّجُلُ أَرْفَقَ بِعِلَاجِهِ مِنَ النِّسَاءِ‘ أَ يَصْلُحُ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا؟

قَالَ(ع):  إِذَا اضْطُرَّتْ إِلَيْهِ فَلْيُعَالِجْهَا إِنْ شَاءَت‌.

وسایل الشیعه: کتاب النکاح‘ ابواب مقدمات النکاح، باب 130، ح1.

سند هذا الخبر عندنا مما لاباس به ، و لکن بعض الفقهاء المعاصرین کشیخنا الاستاذ ناصر مکارم الشیرازی  استشکل علیه بان فی سنده علی بن الحکم و هو مشترک بین الثقه و غیره، و ان اسظهر بعده بانه هو الثقه بقرینه روایه احمد بن محمد عنه.

و اما نحن قد أثبتنا من قبل اتحاد علي بن الحکم ، و رفضنا تعدده و أقمنا علی ذلک أدلة متعددة غیر قابله للرد و لا نحتاج الي البحث في ذلك.

 

اشكالات و أجابات:

لاریب فی ان اکثر الفقهاء يزعمون صراحة دلالة هذا الخبر علی جواز النظر فی مقام المعالجه ، لکن البعض استدلوا علی الجواز بقاعدة لاضرر، و حکی عن الشیخ عبدالکریم الحائری ره  فی تقریراته التی قررها الشیخ محمد علی الاراکی ره ومیرزا محمود الآشتیانی ره، و بیانها بان المراه المریضه یجوز لها الرجوع الی الرجل الطبیب، للمعالجه، لانه ان لم یراجعها یوجب الضرر علیها، والضرر منفی فی الاسلام، فیجوز لها الرجوع و و یجوز للطبیب معالجتها، لان الضرر المنفی یشمل ما لو اضر شخص علی نفسه و ما لو اضر علی غیره.

و ما نحن فیه فی صوره عدم جواز النظر من الطبیب للمعالجه یوجب الضرر من الطبیب الی المریض و هو منفی.

و اما السید الحکیم ره استشکل علی ما قاله الحاج الشیخ عبدالکریم و قال بالتفصیل بین الضرر و الاضطرار، و بین جواز الابداء من المراه و جواز النظر الیها من الطبیب.

یعنی ان السید الحکیم یعتقد بان قاعده لاضرر و لاضرار تدل علی جواز النظر من الطبیب الی المراه للمعالجه لانه ان لم یعالجها یتوجه الضرر علیها، و لکن قول الامام(ع)  المتقدم بان : ما من شیئ الا و قد احله الله تعالی لمن اضطر الیه لا یدل علی ذلک ، لان هذا القول یختص بالمضطر و لایشمل الطبیب، لان الطبیب لیس بمضطر فی معالجه المراه المریضه و ان کانت المراه المریضه مضطرة فی الرجوع الی الطبیب و لا ملازمه بین جواز ابداء المراه و جواز النظر. مستمسک العروه ج 14 ص 35.

و استشکل السید الخویی علی السید الحکیم فی تفصیله المذکور بین الضرر والاضطرار، و قال بعدم دلالتهما علی جواز النظر من الطبیب ، و قال بعدم الملازمه بین النظرین، و الیک نص کلامه ره.

ولا يخفى أنه لا مجال للتمسك لاثبات الحكم بقاعدة نفي الضرر أو قوله ( ع ) ( ليس شئ مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه ). فإن من الواضح أن مثل هذين الدليلين لا يشملان الطبيب نفسه فإنهما إنما يرفعان الحكم عمن يتوجه الضرر عليه نتيجة ذلك الحكم ، فلا يدلان إلا على جواز كشف المرأة المريضة نفسها أمام الطبيب، اما جواز نظر الطبيب إليها فلا دلالة لهما عليه لعدم اضطراره إلى ذلك.

نعم لو تصورنا توجه الضرر إلى الطبيب في صورة عدم معالجتها أمكن التمسك بهما لا ثبات الجواز بالنسبة إليه أيضا.

وما ذكرناه هنا لا يتنافى مع ما تقدم منا في الملازمة بين جواز الابداء وجواز النظر إليها فإنها إنما تتم فيما إذا كان جواز الابداء ثابتا بالحكم الأولي فلا يشمل ما لو كان الجواز ثابتا بالعنوان الثانوي إذ أن هذه العناوين إنما ترفع الحكم فيمن يتحقق فيه ذلك العنوان أما غيره فلا ، ولذا لا يعقل الحكم بجواز النظر إلى المرأة لو أكرهت على رفع سترها وابداء زينتها

وأوضح من ذلك ما لو أكرهت المرأة على الزنا ونحوه أفهل يحتمل  الحكم بالجواز للرجل أيضا نظرا إلى أنها مكرهة ؟ .  كتاب النكاح المطبوعه ضمن الموسوعه، ج 32 ص 61.

و فیه و فی کلام السید الحکیم ما لا یخفی:

وهو  ان الملازمه بین جواز الرجوع من المراه  الی الرجل الطبیب و جواز النظر من الطبیب الی المراه للمعالجه من متفاهم العرفی، یعنی ان العرف یقول بوجود الملازمه بینهما، و لا یعقل عرفا أن نقول بجواز النظر و عدم الجواز من الطرف آخر.

و لا فرق بین مقام الضرر و مقام الاضطرار.

مضافا الی ذلک ان  الهدف الاصلی من رفع التکلیف عن المضطر بواسطه حدیث الرفع و غیره ، هو التسهیل والسهوله للمضطر عند الاضطرار، و اما اذا لم نقل بشموله للطبیب للمعالجه فلاسهولة فی البین، لان عدم المعالجه موجب للعسر فی جانب المرأة.

لان الاضطرار علی قسمین: قسم توقف رفع الحکم  و تاسیس السهوله لصاحبه علی رفع الحکم عن غیره و قسم لایتوقف علی الرفع عن غیره.

و اما الاول لا شک فی رفعه و جواز ارتکابه حتی للغیر و اما الثانی لایجوز الا عن نفسه، و ما نحن فیه ای مقام المعالجه من قبیل القسم الاول لان رفع الاضطرار عن المریض مستلزم لمعالجه الطبیب و المعالجه متوقف علی النظر و اللمس فی مواقعهما.

و بعباره اخری فی نظر الشارع ان معالجه الطبیب للمریض و ان کانت مستلزمة للنظر الحرام اواللمس الحرام و لكن أقل مفسدة من تحمل المریض مرضه.

فعلیهذا لا یرد علی الاستدلال بالکبری الکلیه و الملازمه شیء.

و اما ما قاله السید الخویی من عدم التنافی بین قوله هنا فی عدم الملازمه  و وجود الملازمه فی جواز ابداء الزینه من المراه و جواز النظر الیها من الرجل، بان ما نقول بالملازمه فهو فی ما اذا کانت حکما اولیا  بالعنوان الاولی و اما فی مورد یکون العنوان ثانویا، فلاملازمه فی البین، هذا کلام فی غیر محله ببیان تقدم منا. و لكن الملازمة هنا تختص بالنظر الطبيب لا بنظر جمع الافراد.

ان قلت: ان هذا الخبر ای خبر ابی حمزه لا یکون فی مورد الاضطرار، لان الامام قال له: فلیعالجها ان شائت. و عباره ان شائت بمعنی الاختیار لا بمعنی الاضطرار.

قلت: لیس هذا معناه بل معناه ان شائت الرجوع الی الرجل الطبیب، یعنی یجوز له الرجوع الی الطبیب الرجل و یجوز له الرجوع الی الطبیب المراة و ان شائت المراة ان ترجع الی الطبیب الرجل لکونه ارفق لا باس به

و لیس هذا خارج عن معنی الاضطرار.

 

2 - دعائم الاسلام : عن أبي جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) ، أنه سئل عن المرأة تصيبها العلة في جسدها ، أيصلح أن يعالجها الرجل ؟ قال : " إذا اضطرت إلى ذلك فلا بأس " .

دعائم الإسلام  ج 2  ص 144. مستدرك الوسائل  ج 14  ص 290.

بحار الأنوار  ج 59  ص 74.

ان هذا الخبر فی بعض نسخ دعائم روی عن جعفر بن محمد(ع) و لکن ما رواه المجلسی و المحدث النوری عنه و هو ما اثبتناه من المتن ای عن ابی جعفر الباقر(ع) و هو الصحیح و الغلط من النساخ.

اما من حیث السند فمرسل، و من حیث الدلاله فدلالته واضح.

 

3 - علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : وسألته عن الرجل يكون ببطن فخذه أو أليته الجرح هل يصلح للمرأة أن تنظر إليه وتداويه ؟ قال : إذا لم يكن عورة فلا بأس . وسایل الشیعه: کتاب النکاح، ابواب مقدمات النکاح، باب 130، ح1..

فیه نقطتان من حیث السند و الدلالة:

الاولی: ان سند هذا الخبر بما انه رواه الشیخ الحر العاملی عن کتاب علی بن جعفر الذي یتعاملون الفقهاء والرجالیون معه معاملة الصحیح ، لان طریق صاحب الوسایل الی علی بن جعفر بما اعترف به فی المشیخه، صحيح کما صرح به السید الخویی فی معجم رجاله.

لکنا نقول: هنا مقامان من البحث:

الاول في وثاقة علي بن جعفر و اعتبار روایته.

الثانی: فی صحه انتساب الکتاب الذی بایدی المجلسی و الشیخ الحر الیه.

اما الاول فلا شک في جلالة مقامه و وثاقة روایته، و انه مورد عنایة اخیه موسی بن جعفر، و له کتاب فی الحلال و الحرام کما صرح به النجاشی فی رجاله، و له کتاب المناسک و مسایل لاخیه موسی الکاظم بن جعفر(ع) ساله عنها، کما صرح به الشیخ الطوسی فی رجاله.

و قال الشیخ المفید فی کتابه الارشاد: کان من الفضل والورع علی ما لایختلف فیه اثنان.

و صحب اربعه او خمسه من الائمه المعصومین(ع) و روی عن بعضهم.

عده الشیخ فی رجاله تاره فی اصحاب الصادق و اخری فی اصحاب الکاظم قائلا: علی بن جعفر اخوه(ع) له کتاب ما ساله عنه ، و ثالثه فی اصحاب الرضا(ع)  له کتاب ثقه.

و عده البرقی فی اصحاب الصادق(ع) و انه ادرک الجواد و الهادی.

والثانی ایضا لا شک فی ان له کتاب اما فی الحلال والحرام او فی مسایله التی سال عن اخیه موسی بن جعفر، و لکن الکلام فی انه هل الکتاب الذی بایدی صاحب الوسایل هو الذی یحتوی علی مسایل ساله عن اخیه موسی ام لا؟

و طریق صاحب الوسایل الی علی بن جعفر صحیح لا نشک فیه، و اما طریقه الیه، لا نعلم  بانه هو الطریق الذی سال مسایله عن اخیه.

و الطریق عباره عن الاجازه التی عنده لنقل الروایه، لا فی اثبات انتساب الکتاب الیه.

فعلیهذا ان علی بن جعفر معتبر و من اجلاء اصحاب الائمه(ع) و اما من جهه انتساب کتاب الذی بایدینا فمجهول.

الثانیه: اما النقطة الثانیة فهی عباره عن دلالته علی المطلوب و هو مبتن علی حمله علی صوره الانحصار والاضطرار بقرینه قوله (تداویه) الذی یحکی عن المعالجه التی من لوازمها اللمس غالبا، و الا فلا یکون دلیلا علی المطلوب، بل هو دلیل علی جواز النظر الی بدن الرجل ما دون العوره.

 

4 - عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن ابن وهب ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرك شق بطنها ويخرج الولد ، وقال : في المرأة تموت في بطنها الولد فيتخوف عليها ، قال : لا بأس أن يدخل الرجل يده فيقطعه ويخرجه . الكافي  ج 3  ص 155.

 

5 - کتب محمد بن الحسن الصفار  إلى أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام  في رجل أراد أن يشهد على امرأة ليس لها بمحرم هل يجوز له أن يشهد عليها من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد عدلان أنها فلانة بنت فلان التي تشهدك وهذا كلامها ، أو لا تجوز الشهادة عليها حتى تبرز وتثبتها بعينها؟

فوقع عليه السلام : تتنقب وتظهر للشهود إن شاء الله

وهذا التوقيع عندي بخطه عليه السلام . من لا يحضره الفقيه ج 3  ص 67.

قد استدل صاحب الجواهر بهذا الخبر علی ما نحن فیه ، و هو ان کان معتبرا من جهه السند، لمکانه محمد بن الحسن الصفار الذی وثقه و عظمه النجاشی، و لکن دلالته علی المدعی غیر ظاهر، بما ان الذی نحن بصدده هو النظر الی بدن الاجنبی والاجنبیه لموارد الاستثناء و المکاتبه ظاهر فی النظر الی الوجه والکفین و هو غیر ما نحن فیه، فعلیهذا لا دلاله له علی ما نحن فیه.

 

التحقیق فی المساله:

فتلخص مما ذکرناه من الادله المتنوعه،و ان کان فی بعضها کالاخبار،  ضعف من جهه السند کخبر دعائم و... و بعضها الآخر من الاخبار ضعف من جهه الدلاله، و لکن اشتمالها علی ادله صحیحه کالدلیل العقلی ای قاعده الاهم و المهم، و الدلیل النقلی کخبر ابی حمزه الثمالی و غیره ، مما لاینکرها احد، و بهذا یمکن اثبات المطلوب بلا مشقه، یعنی یمکن اثبات ان موارد الضروره یستثنی من حرمه النظر او اللمس من الاجنبی للاجنبیه و بالعکس، سواء کانت للمعالجه او لانقاذ الغریق والحریق، و غیرها مما یعدها العرف ضرورة.

 

بقی هنا امور

الامر الاول فی مقدار ما یستثنی من حرمه النظر واللمس

ان السوال الذی یمکن ان یساله احد فی هذه المساله ان النظر و اللمس الذی یستثنی من الحرمه الاولیه ما هو مقدارها ؟

والذی یتکفل الجواب عن هذا السوال هد قاعده عقلائیه، الضرورات تتقدر بقدرها، و هذه القاعده العقلائیه تجری فی کل مورد الضروره اعم من الجواز و الحرمه و لاریب فی قطعیتها لان العقلاء فضلا عن المسلمین یعاملون مع هذه القاعده معامله المقطوع بها.

و هنا مقامان من تقدیر الضرورات، و هو ان الضرورات قدیتحقق بالنظر فقط و قد یتحقق باللمس منضما بالنظر، و کلاهما تتقدر بقدرها بتشخیص العرف.

یعنی اذا ارتفع الاضطرار و الضروره والحاجه الضروریه بالنظر فقط فلا یجوز اللمس و اما لم یرتغع الا باللمس مع النظر فیجوز کلاهما بقدر الضروره،  یعنی قد یرتفع بالنظر الی الوجه و الکفین او الی ما فوقهما بقدر قلیل، کالعنق و الصدر و اما لایرتفع الا بالنظر الی جمیع الجسد فیجوز.

الامر الثانی فی الفرق بین العوره و غیرها

اما النظر الی العوره من الرجل والمراه و ان وردت  فی الخبر المروی عن کتاب علی بن جعفر ، صرح فیه بان اذا لم یکن عوره فلا باس، و لکن عندنا لافرق فی جواز النظر و اللمس الضروریه ، بین العوره و غیرها.

لانه اولا:

ان الاهم لیس عباره عن النظر و اللمس بل الاهم هو رفع الاضطرار و الضروره و هو یتحقق فی موارده بقدر ما یرتفع به.

و الخظاب فی الدلیل النقلی ایضا لایتوجه الی مقدار خاص او عضو خاص بل کان متوجها من الشارع الی رفع الضروره والاضطرار و واضح ان لافرق فی رفع الاضطرار و الضروره بین العوره و غیرها.

 

وثانیا:

لو سلمنا ان الفرق یتصور بین العوره و غیرها ، فخاصه بجسد الرجل فقط، لان جسد المراه بجمیعها عوره الا الوجه و الکفین، وفقا لما ورد فی الاخبار و ما افتی به الفقهاء فی فتواهم، و اذا کانت جمیع جسد المراه عورة فواضح فی عدم الفرق بین النظر الی عورتها و غیرها، و من فرق بین أعضاء المراة من العورة و غیرها ، فقد ناول فعلا لغوا و امرا قبیحا علی العاقل فضلا علی المولی الحکیم.

فعلیهذا حذرا من اللغویه لا نقول بالفرق بین العورة و غیرها فی ما یستثنی من حرمة النظر واللمس من الاجنبی و الاجنبیه.

و ما ورد فی الخبر المروی عن کتاب علی بن جعفر ، فلعل ان رفع الاضطرار والضروره فی نظر الامام ترتفع بالنظر الی ما دون العوره، فقال به فی الخبر و الا لم تکن لها خصوصیه اخری.

 

الامر الثالث فی استثناء مقام الشهاده تحملا و اداء من حرمه النظر واللمس

لاریب فی استثناء الاصحاب مقام الشهاده عن حرمه النظر و اللمس تحملا و اداء مطلقا و لکن التحقیق یقتضی خلاف ذلک الاطلاق.

لان للشهاده مقامان من البحث من حیث التحمل و الاداء و لادائه ایضا مقامان من القول بکفایه الشهاده اجمالا علی وقوعه او لزوم کون الشهاده بسبب رویته  تفصیلا. و کلا منها اما علی الزنا او علی غیر الزنا.

اما الشهاده علی غیر الزنا فلا تحتاج الا الی رویه الوجه فقط و لااشکال فی جواز النظر الی الوجه شهاده کانت ام غیرها.

و اما الشهاده علی الزنا ان قلنا بکفایه اداء الشهاده اجمالا فهذا ایضا قد یتحقق فی تحمله بالنظر الی الوجه فقط او الی مقدار ازید من الوجه کالعنق والصدر و غیرهما و لا تحتاج الی النظر الی سایر الجسد.

و اما ان قلنا بعدم کفایتها اجمالا بل اللازم اداءها بعد النظر و الرویه تفصیلا ای رویه الایلاج و الاخراج، فلا تتحقق ذلک الا بعد النظر الی سایر اعضاء الجسد حتی العوره.

فظهر ان النظر الی جسد غیر المماثل للشهاده بقدر ما تتوقف الشهاده علیه فیجوز، و ما زاد علیه فلا یجوز.

و لکن الکلام فی انه لاریب فی وجوب اداء  الشهاده و اما القول بوجوب تحمل الشهاده کادائها لایخلوا من الاشکال.

لان الشاهد خصوصا علی الزنا بما انه یجب علیه ان ینظر الی جسد المخالف حتی العوره بدقه شافیه حتی يتمکن ان یشهد بانه رای ان الرجل زنی بامراه کالمیل فی المکحله، فیلزم من رویته فسق الناظر و الشاهد، لان النظر الی الحرام خصوصا الی العوره لاجل انه وقع متعمدا یوجب الفسق، و اذا حکمنا بفسق الناظر فلایجوز شهادته لان قبول الشهاده منوط بعدالته والفسق مخالف للعداله.

و مضافا الی ذلک ان الذی یستفاد من الشرع ان عدم اثبات الجرم خصوصا الجرائم التی لها حد فی الشرع ، خیر من اثباتها، لان الشارع یرید ان المجرمین قبل اثبات جرائمهم یتوبون الی الله فی خلواتهم، و یستغفرون من ذنوبهم.

فعلیهذا لو حکمنا بوجوب تحمل الشهاده و وجوب اداءها حتی بالنظر الی الحرام و لو کانت عوره، مناقض لما ذکرناه من الشرع، فالتحقیق یقتضی بانا نقول بعدم وجوب تحمل الشهاده و بعدم جوازها لولا الاضطرار و لافرق فی انها مستلزمه للنظر الی الحرام ام لاتستلزم.

و علیها سیره النبی الاعظم و الائمه المعصومین (ع) و الیک نص واحد منها.

وروى سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال :  أتى رجل أمير المؤمنين ( عليه لسلام ) فقال : يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني فأعرض أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بوجهه عنه ، ثم قال له : اجلس قأقبل على ( عليه السلام ) على القوم فقال : أيعجز أحدكم إذا قارف هذه السيئة أن يستر على نفسه كما ستر الله عليه.

فقام الرجل فقال : يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني ، فقال : وما دعاك إلى ما قلت ؟ قال : طلب الطهارة ، قال : وأي الطهارة أفضل من التوبة.

ثم أقبل على أصحابه يحدثهم فقام الرجل فقال : يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني فقال له : أتقرأ شيئا من القرآن ؟ قال : نعم ، فقال : إقرأ فقرأ فأصاب فقال له : أتعرف ما يلزمك من حقوق الله عز وجل في صلاتك و زكاتك؟

فقال : نعم فسأله فأصاب ، فقال له : هل بك من مرض يعروك أو تجد وجعا في رأسك أو شيئا في بدنك أو غما في صدرك ؟

فقال : يا أمير المؤمنين لا ، فقال : ويحك اذهب حتى نسأل عنك في السر كما سألناك في العلانية ، فإن لم تعد إلينا لم نطلبك، قال : فسأل عنه فأخبر أنه سالم الحال وأنه ليس هناك شئ يدخل عليه به الظن.

قال : ثم عاد الرجل إليه فقال له : يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني ، فقال له : لو إنك لم تأتنا لم نطلبك ولسنا بتاركيك إذا لزمك حكم الله عز وجل.

ثم قال : يا معشر الناس إنه يجزى من حضر منكم رجمه عمن غاب ، فنشدت الله رجلا منكم يحضر غدا لما تلثم بعمامته حتى لا يعرف بعضكم بعضا وأتوني بغلس حتى لا ينظر بعضكم بعضا فإنا لا ننظر في وجه رجل ونحن نرجمه بالحجارة ، قال : فغدا الناس كما أمرهم قبل أسفار الصبح ، فاقبل على ( عليه السلام ) عليهم ، ثم قال : نشدت الله رجلا منكم لله عليه مثل هذا الحق أن يأخذ لله به فإنه لا يأخذ لله عز وجل بحق من يطلبه الله بمثله.

قال : فانصرف والله قوم ما ندري من هم حتى الساعة ، ثم رماه بأربعة أحجار ورماه الناس. من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 31.

فتلخص مما ذکرناه ان الحکم بوجوب التحمل للشهاده بالنظر الی الحرام حتی العوره لایخلو من اشکال و اما اذا اضطر الی النظر الی ذلک فلاباس به فی مقام الشهاده، فیعلم ان مقام الشهاده لیست مما یستثنی من حرمه النظر واللمس بل العنوان هو الذی اتخذناه فی اول المساله هو الحاجه الضروریه کما علیه العلامه والشهید واخبار الباب الذی ورد فی مقام الشهاده لها توجیهات خاصه لابد من طرحها فی محلها.

 

 



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری: