نسخة الموبایل
www.tabatabaey .com
خارج الفقه(كتاب النكاح)1439 المسالة 27 متن
رقم المطلب: 491 تاریخ النشر: 11 رمضان 1439 - 03:41 عدد المشاهدة: 2069
دروس بحث الخارج » خارج الفقه(كتاب النكاح)1439
خارج الفقه(كتاب النكاح)1439 المسالة 27 متن


مسألة 27: يجوز النظر إلى نساء أهل الذّمة بل مطلق الكفّار مع عدم التلذّذ و الريبة أعني خوف الوقوع في الحرام، و الأحوط الاقتصار على المواضع التي جرت عادتهنّ على عدم التستر عنها، و قد تلحق بهنّ نساء أهل البوادي و القرى من الأعراب و غيرهم اللاتي جرت عادتهنّ على عدم التستر و إذا نهين لا ينتهين، و هو مشكل.

نعم الظاهر أنّه يجوز التردّد في القرى و الأسواق و مواقع تردّد تلك النسوة و مجامعهنّ و محالّ معاملتهنّ مع العلم عادة بوقوع النظر عليهنّ، و لا يجب غضّ البصر في تلك المحال إذا لم يكن خوف افتتان

ان هذه المسألة و ان کانت واحدة و لکن بالتأمل تنقسم الی مسألتین:

الاولی: النظر الی نساء اهل الذمة، او مطلق الکفار.و لها فرع في مقدار النظر.

الثانیه: النظر الی بعض اهل البوادی و غیرهن ممن جرت عادتهن علی عدم التستر اللائق بهن. و لها فرع من التردد في أسواقهن و مجامعهن.

والظاهر ان موضوع البحث هنا من النظر خاص بغیر الوجه والکفین، و غیر العورتین،  لان الوجه والکفین  خارج عما نحن فیه و بحثنا عنه سابقا، و العوره ایضا کما قلنا سابقا أن النظر الیها حرام قطعا فی جمیع الموارد.

و علیهذا لازم لنا ان نبحث فی کل منهما بحثا مستقلا مستوفیا کی تتضح المسالتین.

 

الاقوال فی المساله:

الذی یظهر من کلمات الفقهاء ان الجواز فی المساله مشهور، و معلوم ان فی مقابل المشهور قول نادر بخلافه. و الیک نصوص بعض الاقوال:

قال السید الحکیم: علی المشهور کما فی الحدایق و عن المسالک؛ قال فی الشرایع: ويجوز النظر إلى نساء أهل الذمة وشعورهن لأنهن بمنزلة الإماء.

ونحوه ما عن المقنعة والخلاف والنهاية. مستمسك العروة ج 14  شرح ص 18.

قال کاشف اللثام: وأفتى الشيخان وجماعة بجواز النظر إلى نساء أهل الذمة وشعورهن الا للتلذذ بالنظر أو ريبة وهي ما يخطر بالبال من النظر دون التلذذ به أو عند خوف افتتان. كشف اللثام (ط.ق) ج 2  ص 8.

قال صاحب الجواهر: و یجوز ایضا کما عن الشیخین و جماعه بل فی المسالک نسبته الی المشهور: النظر الی نساء اهل الذمه و شعورهن. جواهر الکلام: 30/117.

قال صاحب الریاض: و كذا يجوز النظر  ( إلى أهل الذمة )  وشعورهن على الأشهر الأظهر ، للأصل ، مع فقد الصارف عنه من إجماع وغيره ، وخصوص الخبر ، بل الصحيح أو القوي : لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهن وأيديهن، ومثله الآخر : لا بأس بالنظر إلى أهل تهامة والأعراب وأهل البوادي من أهل الذمة والعلوج ، لأنهن لا ينتهين إذا نهين. رياض المسائل ج 10  ص 64.

قال المحقق البحرانی فی الحدایق: المشهور بین الاصحاب جواز النظر الی نسا ء اهل الذمه و شعورهن و هو قول الشیخین فی المقنعه و النهایه ما لم یکن ذلک علی وجه التلذذ ... و علی هذا القول عمل الاصحاب ما عدا ابن ادریس و تبعه العلامه فی المختلف و اما باقی کتبه فهو موافق لمذهب الاصحاب. الحدایق الناضره: 23/58.

قال السید الیزدی: يجوز النظر إلى نساء أهل الذمة بل مطلق الكفار مع عدم التلذذ والريبة  أي خوف الوقوع في الحرام ، والأحوط الاقتصار  على المقدار الذي جرت عادتهن  على عدم ستره وقد يلحق بهن نساء  أهل البوادي والقرى من الأعراب وغيرهم ، وهو مشكل .

نعم الظاهر عدم حرمة التردد في الأسواق ونحوها مع العلم بوقوع النظر  عليهن . ولا يجب غض البصر إذا لم يكن هناك خوف افتتان . العروة الوثقى ج5  ص 485.

 

الادله فی المقام:

لاریب فی ان مقتضی الاصل و القاعده الاولیه فی النظر الی نساء اهل الذمه، عدم الجواز، لانهن الاجنبیات و شمول اطلاق أدلة المنع من النظر الی الأجنبیة  لهولاء مما لاریب فیه، لانا قد أثبتنا من قبل في المسالة الثامنه عشر دلالة الأدلة الاربعة علیه.

و لکن الذی یمکن التمسک به علی خروج هذه المساله من حیث الحکم عن مقتضی الاصل و الادله الاولیه دلیلان:

الاول: الاخبار الخاصه.

1 - خبر السکونی.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهن وأيديهن. الكافي ج 5  ص 524. وسایل الشیعه: کتاب النکاح، ابواب مقدمات النکاح، باب 112 ح 1.

دلالة هذا الخبر علی المطلوب ظاهر و ان کان خبر السکونی ضعیف من حيث السند لوجود نفسه، و لکن یمکن ان نقول بانجباره بعمل المشهور  من حیث أنه مورد عمل مشهور الفقهاء.

 

2 - خبر قرب الاسناد

عبد الله بن جعفر في ( قرب الإسناد ) : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب  ( عليه السلام) قال : لا بأس بالنظر إلى رؤوس نساء أهل الذمة .

وقال : ينزل المسلمون على أهل الذمة في أسفارهم وحاجاتهم ، ولا ينزل المسلم على المسلم إلا بإذنه .  وسایل الشیعه: کتاب النکاح، ابواب مقدمات النکاح، باب 112 ح 1.

ان الراوی الاخیر لهذا الخبر هو ابوالبختری و هو کنیة جماعة و لکن المراد والمقصود منه في هذا الحديث هو (وهب بن وهب بن عبدالله) بقرینه روایة سندی بن محمد عنه.

اعلم ان وهب بن وهب بن عبدالله ابوالبختری القرشی المدنی هو الذی عده کثیر من علماء الرجال من الضعاف و بعضهم من الکذابین و روایته لایوثق به.

عده الشیخ فی رجاله بهذا العنوان من اصحاب الاصادق(ع) و فی الفهرست: ضعیف و هو عامی المذهب له کتاب ...

قال النجاشی: وهب بن وهب بن عبدالله بن زمعه بن الاسود بن عبد المطلب بن اسد بن عبد العزی ابوالبختری روی عن أبي عبد الله و کان کذابا و له احادیث مع الرشید فی الکذب .

و فی الخلاصه نحو ما ذکره النجاشی و زاد فیه بانه قاضیا عامیا. و حکی عن ابن الغضائری انه کذاب عامی قضی لهارون.

فظهر مما ذکرناه ان ابوالبختری ممن لا یجوز أن یعتمد علي ما رواه متفردا الا أن یکون ما رواه مما اشتهر و عمل به الاصحاب.

3 - الخبر المروی فی الجعفریات

الجعفريات : أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمد ، حدثني موسى قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي ( عليهم السلام ) ، قال :  قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ليس لنساء أهل الذمة حرمة ، لا بأس بالنظر إليهن ما لم يتعمد. مستدرك الوسائل  ج 14  ص 276.

 

4 - روایه اخری عن الجعفریات

وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ليس لنساء أهل الذمة حرمة ، لا بأس بالنظر إلى وجوههن وشعورهن ونحورهن وبدنهن ، ما لم يتعمد ذلك. مستدرك الوسائل  ج 14  ص 276.

هذان الخبران کسابقهما ظاهر فی الدلاله و أما من جهة السند فهما موجودان في الجعفريات.

 

5 - خبر الفقیه:

وروى الحسن بن محبوب ، عن عباد بن صهيب قال :  سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لا بأس بالنظر إلى شعور نساء أهل تهامة والاعراب وأهل البوادي  من أهل الذمة والعلوج لأنهن إذا نهين لا ينتهين ، قال : والمجنونة المغلوبة لا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك. من لا يحضره الفقيه: 3/ 469.

 

لا اشکال فی هذا الخبر من حیث السند الا ما قیل فی عباد بن صهیب، و لکن ما قیل فیه سهل لا یضر بوثاقته.

لان غایه ما قیل فیه بانه بصری عامی کما قال به الشیخ فی رجاله.و حکی عن الکشی انه بصری عامی مرجیء و لکن کل ذلک لا یضر بوثاقته لانه یمکن ان یکون الروای عامیا لا یکذب، کما صرح فی حقه النجاشی بانه یکنی ابابکر التمیمی الکلیبی الیربوعی بصری ثقه روی عن ابیعبد الله.

و السيد الخويي في المعجم صرح بعد كلام طويل : ان المتحصل أنه لا اشكال في وثاقة عباد بن صهيب بشهادة النجاشي و علي بن ابراهيم في تفسيره.

و أما حسب الدلالة علي المطلوب فنقول:

ان لهذا الحديث نسختين في الكافي و الفقيه و الوسايل قد ذكره عن الكافي و فيها:

لا باس بالنظر الي رووس أهل تهامة و الاعراب و أهل السواد والعلوج لأنهم اذا نهوا لا ينتهون....

و ليس فيها ما في الفقيه و أوردناه في المتن(لا بأس بالنظر إلى شعور نساء أهل تهامة والاعراب وأهل البوادي  من أهل الذمة والعلوج لأنهن إذا نهين لا ينتهين.

و كذلك في العلل ذكره الشيخ الصدوق و فيها ذكر أهل الذمة بدل العلوج .

فظهر أن في النسختين من الحديث ذكر أهل الذمة و في الكافي ذكر العلوج و ايضا بمعني مطلق الكفار و هو يكفي في الدلالة علي أهل الذمة.

لأن العلوج علي وزن بروج جمع العلج بالكسر علي وزن فكر و هو مطلق الكفار كفار العجم أو الرجل الضخم منهم.

والاستدلال بهذه الحديث من جهتين:

الاولي : وجود أهل الذمه في نسخة الفقيه و العلل.

و الثانية: من جهة ذكر التعليل( فاذا نهين لا ينتهين) و نساء أهل الذمة ىاخلات تحت عموم التعليل.

و استدل شیخنا الاستاذ المکارم الشیرازی، بهذا الخبر مضافا الی ما ذکرنا بان فی ذیله ذکر حکمه لعدم الباس بالنظر ، و هو هذا: (لأنهن إذا نهين لا ينتهين)، و هذه الحکمه بعینه موجوده فی نساء اهل الذمه، لانهن اذا نهین لاینتهین، و اذا کان اهل البوادی لا باس بالنظر الیهن من هذه الجهه، فالنظر الی نسلأ اعل الذمه ایضا لاباس به لاتحاد حکمه الجواز، لاریب فی ان نساء اهل الذمه داخلات فی عموم التعلیل.

و لکن هذا النحو من الاستدلال لا یخلو من اشکال، لانا نقول بان عدم تناهی نساء اهل الذمه لا یکون من جهه عدم مبالاتهن، کما کانت فی سایر النساء ، من اهل البوادی و غیرهن، بل من جهه عدم الاعتقاد بالتستر من الاجنبی، فعلیهذا ان الذی ذکر فی الخبر بعنوان حکمه جواز النظر غیر ما کانت فی اهل الذمه، فما قصد لم یقع و ما وقع لم یقصد.

فاستدلال شیخنا الاستاذ لایکون فی محله.

اللهم الا ان یقال:

اذا کان النظر الی نساء اهل البوادی جایز فی حال ان الظاهر انهن مسلمات او فی حکم المسلمات، فالنظر الی نساء اهل الذمه جایز بطریق اولی، لانهن  الکافرات.

او یقال:

بان الحکمه التی ذکرت فی الخبر، لها منشاء و هو موجب لجواز النظر ، و هو حصول العسر و الحرج فی صوره القول بعدم الجواز، لان النساء اللاتی لایبالین و اذا نهین لا ینتهین، فالمعاشره معها فی حال ان النظر الیها حرام ، یوجب العسر و الحرج فی المجتمع الانسانیه الاسلامیه و هو منفی بالضروره من الدین، فالجواز متعین.

اقول:

 اذا کان کذلک فاللازم ان نقول بجواز النظر الی مطلق النساء غیر المبالیات، سواء کانت من اهل الذمه او مسلمین، فی بلادنا او بلاد غیر المسلمین، یعنی اذا حصل العسر و الحرج فالنظر الیهن جایز مهما کانت، کما کانت فی الیوم الحاضر فی اکثر بلادنا، و هذا غیر بعید فی نظرنا.

 

نقطة مهمة في شهرة القول بجواز النظر الي نساء أهل الذمة:

المعروف بين الفقهاء شهرة القول بالجواز فيي النظر الي نساء أهل الذمة و لكن لابد أن نتأمل في ذلك :

ما تحدثنا عنه بما هو قول المشهور حسب نقل بعض الفقهاء في ذلك كما قال السید الحکیم: علی المشهور کما فی الحدایق و عن المسالک؛....

ونحوه ما عن المقنعة والخلاف والنهاية. مستمسك العروة ج 14  شرح ص 18.

قال کاشف اللثام: وأفتى الشيخان وجماعة .....

 قال صاحب الجواهر: و یجوز ایضا کما عن الشیخین و جماعه بل فی المسالک نسبته الی المشهور.....

قال صاحب الریاض: و كذا يجوز النظر  ( إلى أهل الذمة )  وشعورهن على الأشهر الأظهر......

 قال المحقق البحرانی فی الحدایق: المشهور بین الاصحاب جواز النظر الی نسا ء اهل الذمه و شعورهن.....

و لكن بعد التأمل يظهر لنا أن المشهور حسب الانتساب من جانب بعض الفقهاء كما ذكرنا هنا و في القبل.

و أما من الفقهاء القدماء خصوصا قبل المحقق الحلي لم يكن الفقهاء على هذا القول الا البعض منهم كاشيخ المفيد والطوسي والكليني والصدوق و لم نغثر علي الجواز من الآخرين.

و اذا نتأمل فنجد أن عددا من الفقهاء القدماء كذلك قائلون بمنع النظر و لم يذكر نساء أهل الذمة من مسنثنيات النظر.

كما ورد عن سلاّر، و ابو الصلاح حلبي. الكافي في الفقه؛ ص: 296 ، و ابن برّاج[7] ، و ابن زهره[8] ،و  ابن حمزه[9] ، و قطب الدين كيدري[10] ، و و قطب الدين راوندي در فقه القرآن.

و كذلك ابن ادريس صرح بحرمة النظر الي نساء أهل الذمة و الدليل علي المنع عند ابن ادريس فواضح لانه لم قال بعدم اعتبار خبر الواحد. السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌2، ص: 610.

و فاضل المقداد في التنقيح. التنقيح الرائع لمختصر الشرائع؛ ج‌3، ص: .21.

و العلامة في المختلف و كاشف اللثام بعد نقل الجواز عن البعض قال بعدم الجواز.

فعلي أي حال الشهرة ليست من طرف الجواز مطلقا بل في الجانب الآخر كذلك يوجد العدد المعتي به من الفقهاء فلذلك القوب بأن المشهور مطلقا علي الجواز فمشكل.

 فبناء علي ذلك اذا قال الفقيه بعد الفحص عن الأدلة والاقوال بعدم جواز النظر الي نساء أهل الذمة فلا يمكن القول بانه مخالف للمشهور.

 

مقتضي الاستدلال بالنصوص:

فتلخص مما ذکرنا من الاخبار الخاصه بالباب، انها غیر الاخیر مبتلی بالاشکال من جهه السند، و علی فرض ضعف سندها لا یصح الاستدلال بها منفردا، و اما من جهه ان بعضها معمول بها عند الفقهاء الكبار فيمكن القول بانجبار ضعفها. و أما التظافر فليس بثابت.

فالاستدلال بالنصوص في الجمله مما لايرد عليه الاشكال بما أن فيها خبر السكوني المنجبر ضعفه بالعمل و خبر عباد بن الصهيب أيضا قلنا باعتباره من جهة السند.

و اما من جهه الدلاله و ان کان تاما ایضا لایرد علیه اشکال، و لکن بقیت نکته یجب علینا التنبیه علیها، و هو ان الاخبار بجمیعها خاصه بمورد اهل الذمه و لایشمل مطلق الکفار، و لایرد فی واحد منها ما یدل علی ان المراد مما ذکره مطلق الکفار، فاذا کان کذلک لا مجال لاثبات ما قاله السید الماتن من جواز النظر الی نساء  مطلق الکفار الا ان نستفید و نقول بما قاله السید الماتن من جهه الاولویة  فی جواز النظر، یعنی اذا کان النظر الی اهل الذمه جایز بهذا الاخبار التی ذکرت فیها اهل الذمه، فالنظر الی مطلق الکفار جایز بطریق اولی، و هو غیر بعید ایضا، و لعل هذا هو المستند لما قاله السید الماتن ره.

 

الثانی: مملوکیه اهل الذمه للامام

استدل بعض علی جواز النظر الی نساء اهل الذمه بانهن ممالیک للامام او للمسلمین، والنظر الی المملوک جایز، کما ذکره المحقق فی الشرایع: یجوز النظر الی نساء اهل الذمه و شعورهن، لانهن بمنزله الاماء. شرایع الاسلام: 2/495.

و قال صاحب الجواهر: ان اهل الذمه ملک و فیء للمسلمین و ان حرم علیهم بالعارض، کالامه المتزوجه والمراد بالعارض هنا ذمه المسلمین لهم، و علی ذلک فجواز النظر الیهن من باب جواز نظر المولی الی مملوکته، ثم قال: او ملک للامام و مملوکة الغیر یجوز النظر الیها. جواهر الکلام: 29/68.

و استند ذلک الاستدلال بالروایات والنصوص التي تكون فی بعض الابواب الاخر غیر ما نحن فیه، کابواب العدد والطلاق و غیر ذلک.

 منها: صحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام : ان اهل الكتاب مماليك الامام. وسائل باب 8 من ابواب مايحرم بالكفرح1:

 

منها: خبر ابی بصیر.

محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب  عن ابن رئاب ، عن أبي بصير يعني المرادي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية ؟

فقال : إن أهل الكتاب مماليك للامام ، وذلك موسع منا عليكم خاصة فلا بأس أن يتزوج.

قلت : فإنه تزوج عليهما أمة؟

قال : لا يصلح له ان يتزوج ثلاث إماء ، فان تزوج عليهما حرة مسلمة ولم تعلم أن له امرأة نصرانية ويهودية ثم دخل بها فان لها ما أخذت من المهر فان شاءت أن تقيم بعد معه أقامت ، وإن شاءت أن تذهب إلى أهلها ذهبت وإذا حاضت ثلاثة حيض أو مرت لها ثلاثة أشهر حلت للأزواج ، قلت : فان طلق عليها اليهودية والنصرانية قبل ان تنقضي عدة المسلمة له عليها سبيل أن يردها إلى منزله ؟  قال : نعم . وسائل الشيعة  ج 20  ص 545.

لكن الاستدلال مبني علي جواز النظر الي امة الغير كما هو مقتضي السيرة في جميع الأعصار.

قد استشکل شیخنا الاستاذ مکارم الشیرازی (حفظه الله) فی کتابه انوار الفقهیه علی الاستدلال بهذه الروایه و قال: و سند الحدیث معتبر ، و لکن فی دلالته تامل، لابهام ربط السوال بالجواب ، لانه لا مانع من تزویج الیهودیه علی النصرانیه، و لو کان هناک مانع فکیف یرتفع بکونهن ممالیک للامام ؟ فهذا الاشکال و الابهام یمنع عن الاعتماد علیها، و یشک فی کونها کلاما للامام(ع).

ان هذا الایراد و ان کان من المحتمل وروده ، لکنه لا مانع من الاستدلال، لان الابهام لا یکون فی جمیع الخبر، بل فی المقدار الذی لایرتبط بالاستدلال علی ما نحن فیه، لان المستدل استدل بما لا ابهام فیه، و هو جمله: إن أهل الكتاب مماليك للامام.

مضافا الی ان ان راویه هو ابوبصیر لیث المرادی و هو المقطوع بوثوقه و نقله عن المعصوم لا عن غیره، لان النقل عن غیر المعصوم غیر مناسب بشان ابی بصیرو جلالته، و الی ان الخبر موجود فی الکافی الذی اکثر روایاته مما یقبله الفقهاء، و و هذا الایراد ایضا لا یصدر من الفقهاء الا عن شیخنا الاستاذ، و جمیع القرائن یفید لنا الظن القوی بصدوره عن المعصوم لا عن غیره؛ و ان کان کل ذلک بانفراده لا یذب عن الاشکال، فعلیهذا ما قاله الاستاذ ذو الوجیهن و لا نعلم بقوه احدهما.

 

منها: صحیح ابی ولاد:

محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ليس فيما بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة إنما يؤخذ ذلك من أموالهم ، فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين، لأنهم يؤدون إليه الجزية كما يؤدي العبد الضريبة إلى سيده ، قال : وهم مماليك للامام فمن أسلم منهم فهو حر . الكافي ج 7  ص 364. وسائل الشيعة ج 29 ص 391، کتاب الدیات، ابواب العاقله، باب1 ح 1.

 

الايرادات على الاستدلال بمملوكية أهل الذمة للامام أو للمسلمين:

ان هذه العبارة قد وردت في الرويات كما ذكرناها آنفا و وردت في كلمات بعض الفقهاء كما في عبارة المحقق في الشرائع: ويجوز النظر إلى نساء أهل الذمة وشعورهن لأنهن بمنزلة الإماء.

و بعد التامل في الروايات و النصوص و كلمات الفقهاء بشأن هذا الاستدلال ظهر لنا انه مبتلى باشكالات عديدة و بعض الفقهاء قد أشاروا الي ذلك منهم السيد الخوئي حيث قال:

ذهب إليه المحقق(قدس سره)في الشرائع، معلِّلاً بأنّهنّ بمنزلة الإماء.
و الظاهر أنّ مراده(قدس سره)ليس هو كونهن مماليك للمسلمين إذ لم يقم دليل على ذلك، فإنّ الملك لا يحصل إلّا بالاسترقاق وتنزيلهنّ بتلك المنزلة يحتاج إلى الدليل وهو مفقود.
كما أنّه ليس مراده(قدس سره)كونهنّ مماليك للإمام(عليه السلام)، فإنّه وإن‌

دلّت صحيحة أبي بصير عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية؟

فقال: «إنّ أهل الكتاب مماليك للإمام» الحديث‌ على ذلك، إلّا أنّه لا ينسجم مع تعبيره(قدس سره)بأنّهن بمنزلة الإماء، فإنّه لو كان مراده هو ذلك لكان عليه أن يقول لأنّهنّ إماء لا أنّهنّ بمنزلة الإماء.
بل الظاهر أنّ مراده(قدس سره) واللَّه العالم هو كونهنّ بمنزلة الإماء في عدم الحرمة لهنّ، إذ الأَمة تختلف عن الحرّة في هذه الجهة، فإن الحرة لها حرمة فلا يجوز النظر إليها بخلاف الإماء، فإنه يجوز النظر إلى شعورهنّ ووجوههنّ وأيديهنّ، فتكون نساء أهل الذمّة بمنزلة الإماء في هذه الجهة. موسوعة الامام الخوئي: 2324.

مضافا الي ذلك :

أولا: ان التملک الذی ورد فی الاخبار المذکوره بالنسبه الی الذمیه لا یکون من جمیع الجهات لانه اختص بالحرب لا بغیر الحرب، و التملک بغیر الحرب لا یکون معهودا فی الفقه.

الثانی: لم نسمع من احد من الفقهاء ترتب آثار الملک علی فرض تملک الکفار الذمیه،  او مطلق الکفار.

الثالث: ان المملوک لا ذمه له، لان الذمه خاصه بالاحرار من الکفار، و مال الجزیه ایضا یاخذون منهم، فکیف قیل بان الذمی بل مطلق الکفار ممالیک للامام او للمسلمین؟

اللهم الا ان یقال بان المقصود من المملوک لیس ما یترتب علیه آثار الملک، بل بمنزله المملوک، کما قال به المحقق فی الشرایع،  بين وبينها السيد الخوئي.

الرابع: ان الاخبار الذی مضت ذکرها آنفا، کلها مختصه بالذمی و لایشمل الکفار مطلقا، و لذا لا یثبت به ما قاله السید الماتن: بل مطلق الکفار الا من جهة الاستدلال بالاولوية كما بيناه آنفا.

 

مقتضي الاستدلال:

بناء علي ما بيناه من الاستدلال بالأدلة أن الاستدلال بالاخبار و ان يكون مبتلي بالاشكال و الايراد في كيفية ااستدلال و لكن لا يضر بأصل الاستدلال علي الخصوص بما أن فيها ذكر أن نساء أهل الذمة لا حرمة لهن.

يعني بما أنهن لا يهتمن بحفظ حرمتهن فلذك يجوز النظر اليهن و لا يرد عليه الاشكال.

فلذلك اذا وقفنا أنهن يهتمن بحفظ حرمتهن بالحجاب فلايجوز النظر اليهن قطعا.

و من هذه الجهة لا فرق بين أهل الذمة و غيرأهل الذمة من الكفار و حتي يمكن القول بالاولوية بالنسبة الي غير أهل الذمة.

و أما الاستدلال بدليل أنهن ممن اذا نهين لا ينتهين فلايجوز الاستدلال به لوجود موارد النقض على  الاستدلال و أشرنا اليها من قبل‘ من استلزام القول بجواز النظر الي نساء المسلمات اذا كن ممن اذا نهين لا ينتهين و لكن لم يقل به أحد.

و أما يمكن القول حسب الاستدلال بهذا الدليل من جهة العسر و الحرج حتي في النظر الي المسلمات اذا كن بهذا الوصف.

و لكن القول بالجواز في مورد العسر و الحرج النوعي لا الشخصي كما هوو اضح في الفقه.

 

 

تنبیه فی المقدار الذی یجوز النظر الیه

ان الذی یجب تبیینه هنا ، تعیین المقدار الذی یجوز النظر الیه، و طریق  اثباته التوجه الی معنی کلمات وردت فی بعض الاخبار، و مقدار دلالتها، لان المقدار المجاز من النظر الی نساء اهل الذمه بل مطلق الکفار، هو الذی یستفاد من تلک الاخبار.

الالفاظ الموجودة فی الاخبار لتعيين المقدار:

ففی خبر السکونی: (شعورهن وأيديهن) و فی خبر قرب الاسناد: (رؤوس نساء أهل الذمة)  و فی خبر الاول من الجعفریات اطلاق، . و فی خبر الثانی منه: (وجوههن وشعورهن ونحورهن وبدنهن).

فهذه ست کلمات کلها تفید ان المقدار المجاز من النظر هو ما تعارف ابداوه فیما بین المسلمین، و لا یهتمون بتستره، لان الشعر و الوجه و النحر والراس و الید کلها مما تعارف بینه الناس ابداوه، و بقیت کلمه واحده و هی البدن، لا یدل علی ذلک بل یدل علی ازید منه، و لکنه محمول علی المتعارف بقرینه السیاق و دلالة سایر الکلمات و سایر الاخبار التی کانت فی الباب، فتعین ان المراد من البدن ایضا ذلک.

و مشهور الفقهاء ایضا یعتقدون بذلک فی کتبهم الفقهیه، و لا نعلم فی ذلک مخالفا، فثبت ان المقدار ما هو المتعارف لا ازید منه کما صرح به السید الماتن بعنوان (التی جرت عادتهن علی عدم التستر عنها).

و اما الاحتیاط الذی قاله الماتن فی عبارته: و الأحوط الاقتصار على المواضع ....لا نعلم مستنده،  لانا کما نستفید الجواز من الاخبار الخمسه المذکوره السابقه، نسفید المقدار ایضا منها، بالتامل فی الکلمات التی ذکرناها آنفا، فما یودی الجواز ، یودی المقدار،  فلا فرق بینهما ، فعلیهذا لا نعلم لای شی قال السید الماتن فی الاول بالفتوی و فی الثانی بالاحتیاط، فالقول بالجزم علی الجواز فی النظر الی نساء اهل الذمه بل مطلق الکفار و فی المقدار المتعارف الذی جرت العاده علی عدم تستره، اقوی من الاحتیاط.

اللهم الا أن يقال في توجيه كلام السيد الامام (ره) بأن مقصوده من الاحتياط لأجل الشك في أن المقدار المتعارف الذي جرت عادتهن علي عدم تستره اليوم في المجتمع فهل نفس المقدار الذي كانت عادتهن في زمن نزول شريعة الاسلام و زمن نبينا الاعظم أو لا؟ فلذلك احتاط في النظر الي المواضع المتعارفة.

كما قاله السيد الكلبايكاني في تعليقته علي العروة:

الأحوط الاقتصار على ما كانت عادتهن على عدم ستره في زمان النبي صلى اللَّه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام، و اما ما استحدث في زماننا من عدم ستر المحاسن، فالأحوط ترك النظر.

فهذا التوجيه بعيد عن كلام السيد الامام لانه (ره) في مقام بيان أصل جواز النظر لا فيما يشك في المقدار و كلام السيد الكلبايكاني أجنبي عن كلام الامام.

أو يقال في التوجيه بأن النظر الي ما زاد على المواضع المتعارفة يوجب تشديد خوف الوقوع في الحرام للناظر فلذلك احتاط السيد الامام في الاقتصار علي المواضع المتعارفة بعدم تسترها من نساء أهل الذمة‘ و هذا التوجيه مقبول و مناسب لكلام السيد الامام(ره).

ان قلت: ان المتعارف من المقدار الذی یجوز النظر الیه، قد یتفاوت بالنظر الی العصور و الامکنه، و قد یقع الشک فی المقدار، هل هذا المقدار هو المقدار الذی يجوز النظر اليه او لا ؟ فما هو تکلیف المکلف اذا شک فی ذلک؟ و هل تجری اصاله عدم التغيیر فی ذلک؟ او لا؟

قلت: اذا شک فی المقدار و لا حجه فی الخروج من الشک، فالقول بالاحتیاط فی ترک النظر اولی، لانه لا دلیل علی خروجه من الاصل الاولی و القاعده، فیبقی فی عموم المنع من النظر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفرع الثانی: الحاق نساء اهل البوادی و القری من الاعراب بنساء اهل الذمه بل مطلق الکفار.

قال السید الیزدی: و قد یلحق بهم نساء اهل البوادی والقری من الاعراب و غیرهم و هو مشکل، نعم الظاهر عدم حرمه التردد فی الاسواق و نحوها مع العلم بوقوع النظر علیهن، و لایجب غض البصر اذا لم یکن هناک خوف افتتان.

 و لعل ما ذکره بانه مشکل ان المراد منه من جهات عديدة:

منها: ضعف عباد بن صهیب، و لکنه قد قدمنا البحث عنه و قلنا بعدم ضعفه من جهت شهادة النجاشی بوثوقه، و علیه فلا اشکال فی البین.

وروى الحسن بن محبوب ، عن عباد بن صهيب قال :  سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لا بأس بالنظر إلى شعور نساء أهل تهامة والاعراب وأهل البوادي  من أهل الذمة والعلوج لأنهن إذا نهين لا ينتهين ، قال : والمجنونة المغلوبة لا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك. من لا يحضره الفقيه: 3/ 469.

فهذه روایه معتبره و ان کان صاحب الجواهر عبر عنها بالخبر، و هو یدل علی ضعف فی اصطلاح الرجال، و لکن انت تعلم ان صاحب الجواهر لیس من دابه التوجه و التوقف علی اصطلاحات الرجال، بل قد یعبر عن روایه فی مورد بالصحیح و عبر عنها بعینه فی مورد آخر بالخبر، و فصل الکلام عنه السید الخویی فی المعجم و کتاب الطهاره.

و منها:

الوجه الآخر و هو و لعل الاشكال عند السيد الامام و السيد اليزدي في الحاق نساء أهل البادي و الاعراب بنساء أهل الذمة من هذه الجهة:

ان الاستدلال برواية ابن صهيب يحتاج الي مقدمة‘ لانه كيف يمكن لنا أن نقول بجواز النظر الي نساء المسلمين اللاتي لايلتزمن بالحجاب بل يرتكبن المعصية و يخالفن الاحكام !

كيف نقول بالجواز لأجل ترك الواجب من جانب البعض؟ يعني ترك الواجب من حانب البعض يوجب جواز النظر في مورد كان يحرم النظر اليه!؟ فلذلك يحتاج الي مقدمة و هي يمكن أن تقرر ببيانين:

التقرير الاول: ان الاسلام لن يمنع الناس و المومنين عن الخروج من البيوت الي الشوارع  مطلقا و لن يحكم بوجوب بقائهم في البيوت‘ لان هذا المنع يوجب تعطيل حاة المجتمع‘ هذا من جانب و أما من جانب آخر عدد من النساء يحضرن في المجتمع غير محجبات بل مكشوفات و اذا خرج فلابد من النظر الي هولاء النساء‘ و بالتالي المنع من النظر يوجب العسر و الحرج فلذلك قال في الرواية انهم ممن اذا نهين لا ينتهين فيجوز النظر اليهن. فمقدمة هذه الحكمة و العلة رفع الحرج.

و أما السيد الامام و السيد اليزدي يرون أن هذه المشكلة يعني تعطيل حياة المجتمع يمكن حلها بسبب قاعدة رفع العسر والحرج و لا يجتاج الي الرواية فلذلك قالوا بجواز النظر في المراكز العامة و الشوارع لأجل القاعدة و لم يقولوا بالحاقهن بنساء اهل الذمة.

و مضافاالي ذلك أنه ليس بصحيح من الحاقهن بنساء أهل الذمة لأنه النظر الي أهل الذمة مطلقا يجوز و لكن النظر الى وجوه برزه و مكشوفة لايجوز الا في موارد العسر و الحرج.

و أما الثاني:

التقرير الثاني في بيان ربط بين العلة و الحكم هو الغاء الحرمة و الاحترام من جانب نساء البوادي و الاعراب‘ لأنهن و ان كن يعتقدن بالتستر و لحجاب و لكنهن بسبب ترك الحجاب والتستر قد الغين احترامهن و حرمتهن‘ في حين الاسلام لم يلغ عنهن الحرمة مطلقا بل هن قد ألغي الاحترام بترك التستر و كشف بعض أعضاء البدن!

لاننا نعلم حسب مذاق الشرع أن الاسلام جعل الحجاب و التستر و منع النظر من الاجنبي اليهن‘ في الحقيقة حرمة للنساء و احتراما لهن‘ و اما اذا هن لايردن الاحترام و لا ينتهين اذا نهين و لا يعنتين بالنهي عن المنكر فيجوز النظر اليهن.

و لاريب في أن هذه التقريرات في الحقيقة تقريرات اجتهادية و لكن النص يقول هن مصداق ما اذا نهين لا ينتهين فيجوز النظر فلذلك قال السيد الامام و السيد اليزدي بأن الالحاق مشكل! لأنه من جانب يوجد تصريح في النص و من جانب يوجد اجتهاد آخر و من جانب الحديث ضعيف السند حسب المبني.

و منها: ايضا يوجد هناك مشكلة أخري و هي ان الرواية فضلا عن ضعف سندها أو اعتبارها فهي غير معمول بها عند الفقهاء‘ لأنهم لم يعملوا بها بل اعرضوا عنها خصوصا عند القدماء!

والعلامة المجلسي قد صرح باعراض الفقهاء عنها في المرآة العقول.

فلأجل هذه القضية و هي اعراض المشهور عن الفتوي بهذه الرواية قد أوجب الاشكال عن السيد الامام و السيد اليزدي في الحاق هولاء النساء بنساء أهل الذمة!

و لكن يمكن الايراد علي هذا البيان اخصوا الاخير من اعراض الفقها عن رواية عباد بن صهيب‘ بان القول بالاعراض فليس صحيحا‘ لأنه اولا: بعض القدماء عملوا بها و افتوا بها و لكت فتواهم بقسم من الرواية لا بجميعها يعني انهم عملوا بهذه الرواية في خصوص النظر الي نساء أهل الذمة و لم يعملوا بها في خصوص النظر الي نساء الاعراب و اهل البوادي!

و كيف يمكن القول بتجزئة الرواية الا علي القول بأن التجزئة لا تضر باصل الاستناد!

و ثانيا: الشيخ الكليني بما روي هذه الرواية في الكافي فيشير الي أنه ره قد عمل بها و أفتي بها و عنوان الكافي فتوي الكليني بما أنه كان يلتزم برواية روايات يريد أن يعمل بها و كذلك الشيخ الصدوق بما أن الفقيه رسالته العملية!

و كذلك في علل الشرايع‘ مضافا الي ذلك أن الحسن بن محبوب الذ روي هذه الرواية هم من الفقهاء و كذلك أحمد بن محمد بن عيسي من الفقهاء بين الرواة!

و فتوي الشيخ الصدوق في أغلب الموارد هو فتوي أبيه علي بن بابوية لأن في القديم الفقهاء كانوا يعتبرون كلمان علي بن بابويه بعنوان النص.

مضافا الی انها لو لم نقل بجواز النظر الی هولاء النساء من اهل البوادی و غیرهن و جواز التردد فی اسواقهن و غیره ، للزم العسر و الحرج فی تعایش المسلمین و هما منفیان عند الامامیه.

و الی ان ذکر حکمه الجواز فی ذیل الحدیث ایضا یقوی القول بالجواز حتی فی غیر البوادی مهما کانت الحکمه موجودة، لان الحکمه لاتختص بالمورد فقط، بل قد حدثت فی العصور و الامکنه طیلة الحیات، والحکمه هذه: (لانهن اذا نهین لا ینتهین).

و هذه الحکمه تحکی عن انهن قد هتکن حرمتهن بایدیهن، یعنی انهن بواسطه عدم رعایه الستر قد هتکن الحرمه عن انفسهن، بخلاف اهل الذمه لانه لا حرمه لهن من الاصل لانهن کافرات، و لکن هولاء بمثل من القی جلباب الحیاء فلا غیبه له، لانه هتکن الحرمه بایدیهن، و هذه الحکمه مهما کانت  فيكون الحکم بالجواز.

فتلخص بمقتضي التحقيق ان النظر الی نساء اهل الذمه بل مطلق الکفار بل نساء المسلمین غیر المبالیات بالتستر، اذا کان مع الشرطین (عدم التلذذ والریبه) فیجوز بمقدار الذی جرت العاده بعدم تستره، لانهم بمنزله من اذا نهین لا ینتهین.

و لكن المشكلة في عموم الفتوى بما أن بين هولاء الأقسام فرق واضح من جهة عدم الاعتقاد بالتستر و عدم المبالات بالتستر ففي نساء أهل الذمة و مطلق الكفار الاول و في نساء المسلمين عدم المبالات فاذن الفرق واضح و موجود فلذلك كيف يمكن القول بعموم الفتوي في هولاء الاقسام و القول بجواز النظر فيها مطلقا.

نعم الحكمة موجودة في هولاء الاقسام من النساء و هي (اذا نهين لا ينتهين) و لكن الاختلاف في منشاء هذه الحكمة و هو عدم الاعتقاد و عدم الالتزام.

و يمكن الجواب بأنه نعم الفرق من هذا الجانب موجود و لايمكن القول بتساوي الاقسام من جهة وجود الحكمة و لكن من جانب آخر أن الفرق بين نساء أهل الذمه و المسلمات بأن هتك الحرمة في المسلمات أقوى بالنسبة الي أهل الذمة !

لأن نساء أهل الذمة يعتقدن أن حرمتهن في عدم التستر و لايرون أن التستر حرمة لهن و لايرون أن عدم التستر هتك لهن فلذلك هن خارجات عن هذه الحكمة الموجودة في رواية عباد بن صهيب‘ و أما نساء المسلمات يعتقدن بالحجاب و التستر و لكن لأجل عدم مبالاتهن لايلتزمن بالحجاب و فلذلك أن الحكمة فيهن أقوي وجودا بالنسبة الي أهل الذمة‘ لأنهن يعتقدن أن الحجاب حرمة لهن و لكن لايلتزمن بالحجاب.

فاذا كان الاستدلال لوجود الحكمة فالحكمة في المسلمات اقوي من أهل الذمة فبناء علي هذا تسري الحكم الي نساء المسلمات له وجه.

و أما هناك نقطة مهمة لابد من أن نلتفت اليها و هي أن رواية السكوني قد ألغي الحرمة عن نساء أهل الذمة و قال: لاحرمة لنساء أهل الذمة.

ففي الحقيقة الاسلام نفي الحرمة عن نساء أهل الذمة و نعرف بالضرورة أن المقصود من عدم الحرمة هو النظر و لا غير و لكن نساء المسلمين لاينفي الاسلام عنهن الحرمة بل هن لايبالين بحرمتهن لاجل عدم التستر.

فعلي أي حال ألمسالة كما قال السيد الامام و السيد اليزدي مشكل في الحاق نساء مسلمات بأهل الذمة في جواز النظر اليهن مطلقا بما أنهن اذا نهين لا ينتهين.

 مضافا الي ذلك أن رواية ابن صهيب في نسخة الفقيه و نظيرها نسخة العلل ففيها: و الأعراب و أهل البوادی من أهل الذمّة و العلوج.

و من الواضح دلالة هذه الرواية في هذه النسخة تدل علي جواز النظر ال يهولاء النساء اذا كن من أهل الذمة و لا تدل علي مطلق نساء من هولاء الاقسام.

و بما أن اشكال السيد الامام و السيد اليزدي لا يخلوا من اشكال و لا يخلوا من قوة ‘ فلذلك الاحسن في الفتوى الاحتياط في عدم الالحاق و ترك النظر الي نساء المسلمين الا في فرض العسر و الحرج فيجوز فيهما.

كما صرح بذلك بعض المعاصرين كالشيخ السبحاني في كتابه (نظام النكاح في الشريعة الاسلامية الغراء) قال: هذا کلّه فی الذمیات، و أمّا نساء أهل البوادی و القری و السافرات من النساء المسلمات اللاتی لا ینتهین إذا نهین فهل یجوز النظر أخذاً بالتعلیل بشرط عدم الریبة و التلذذ أو لا؟ وجهان: أحوطهما الاجتناب.

بقي هنا أمران:

الامر الاول هو السوال الذي يمكن أن يسأله أحد بأن هل الحكم بجواز النظر الي نساء اللاتي اذا نهين لا ينتهين في فرض القول به فهل هو الحكم الاولي أو الحكم الثانوي؟

و هذا السوال لأجل تاثير العنوانين في القضية‘ و وجود الفرق الواضح بين الحكم الاولي و الثانوي.

صاحب الجواهر يصرح في هذه القضية بأن الحكم هو الحكم الثانوي بما أن العنوان هو العنوان الثانوي.

قال: ضرورة ظهوره فى كون العلّة عدم الانتهاء بالنهى ...و عدم حرمة التردّد فى الاسواق و الزقاق من هذه الجهة  لما فى ذلك من العسر و الحرج بعد فرض عدم الانتهاء بالنهى.

يعني أن صاحب الجواهر يريد أن يقول أن الحكم الاولي في النظر اليهن هو عدم الجواز و الحكم الثانوي هو الجواز.

أقول: ان كلام صاحب الجواهر و ان كان صحيحا في نفسه و لكن المهم أن نعرف الوجه في تعيين العنوان بالاولي و الثانوي.

والوجه في ذلك هو العناية والتوجه بالعلة و الحكمة في الرواية و في ملاك الحكم‘ فلذلك لابد لنا من تعيين الملاك في القضية ‘ فهل الملاك عدم الانتهاء أو العسر و الجرج؟

و لو فرضنا أن الملاك في الحكم هو العسر و الحرج كذلك لابد لنا من تعيين العسر و العرج بعنوان العلة أو بعنوان الحكمة؟

و بعد التعيين و التشخيص نقول: اذا كان العسر و الحرج علة الحكم فنقول بأن الجواز هو الحكم الثانوي لأجل أن العسر و الجرج من العناوين الثانوية و بالتالي الحكم حكم ثانوي.

و أما لوقلنا بأن العسر و الحرج هو الحكمة في الحكم و ليس علة فنقول بأن الحكم هو الحكم الاولي.

و في ما نحن فيه اذا قلنا بأن الجواز هو الحكم الاولي و العسر و الحرج و نفيهما من حكمة الحكم فيجوز الخروج للرجال في فرض علمهم بالتفات نظرهم الى  نساء مكشفات و أما لو قلنا بأن الحكم هو الحكم الثانوي و العسرو الحرج علة الحكم فلابد من القول بجواز خروج الرجال الي المجتمع و في فرض العسر و الحرج فقط و عدم جواز الخروج و النظر في عدم تصور العسر و الحرج و لا ريب في أن عسر و الحرج من العناوين النوعي و ليس شخصيا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الأمر الثاني: و هو سوال و ايراد علي القول بجواز النظر الي نساء أهل الذمة بمنافاته لقانون النهي عن المنكر.

لا ريب في أن النهي عن المنكر قانون مهم يجري في العديد من ابواب الفقه و في حياة البشر‘ و من جانب آخر أن جواز النظر الي نساء أهل الذمة بل مطلق الكفار في الحقيقة ترويج المنكر و فيتنافيان.

و هذا الامر قد سبب سوالا في ذهن الانسان‘ هو السوال عن ان جواز النظر الی نساء اهل الذمه هل ینافی الامر بالمعروف و النهی عن المنکر ام لا؟

والذی يتبادر بذهن المخاطب والمستمع ان بینهما تناف بین، لأن جواز النظر باطلاقه یوجب هتکا بضروریات الدین والشرع و یوجب هتک بالفریضتین الامر بالمعروف و النهی عن المنکر، یعنی اذا جوزنا النظر الی هولاء ففی الحقیقه جوزنا المنکر و ارتکبنا الاعانه علی الاثم.

قلت اولا:

لا ریب فی ان الجواز فی النظر خاص بغیر مورد المنافی بالامر بالمعروف و النهی عن المنکر، لانه یجوز مع الشرطین عدم التلذذ و الریبه و مورد الاثم و تحقق المنکر مورد التلذذ والریبه.

و ثانیا: اذا کان النظر الی نساء اهل الذمه و غیر المبالیات من المسلمین موجب لترویج المنکر فلا یجوز قطعا، لانه اتم مصادیق الاعانه علی الاثم مضافا الی ان اقل مراتب النهی عن المنکر هو التنفر العملی من المنکر.

فمن ذلک ان جواز النظر في هذا الموضوع صار مقيدا بالقيدين : الاول: عدم التلذذ و الريبة. الثاني: تحديد مقدار النظر.

فلذلك لايجوز النظر الي جميع البدن.

مضافا الي ذلك بعد أن أجاز الشارع النظر فليس منكرا اصلا حتي يوجب الاشكال عليه بتنافيه لقانون النهي عن المنكر.

و مضافا الي ذلك الحكم بالنسبه الی الافراد كذلك متفاوت، لان لبعض الافراد شخصیه موثره فی المجتمع، و اذا کانوا ینظرون الی النساء العاریات فعملهم ترویج للمنکر فلایجوز. و ليس لبعضهم هذا الشان فیجوز.

فذلك ینبغی للمومن ان لا یجعل نفسه في  مظان التهمه و مظان وسوسة الشیطان و نساء  المکشفات غیر المبالیات مظان التهمه و وسوسه الشیاطین.

و من هذا القبیل استفتاء بعض المومنین عن بعض المراجع والفقهاء فی المورد الذی نحن فیه و الیک نص ما وقع بین المومنین و بین السید السیستانی.

211 . السؤال : على شاطئ البحر لا تلبس كثير من النساء إلا ما يستر القبل والدبر والصدر فقط ، فهل يجوز النظر إليهن بدون ريبة إذا كن كافرات أو من اللواتي لا ينتهين إذا نهين عن ذلك ؟ الجواب : لا يجوز .

1525 . السؤال : يلاحظ أن النساء على رغم اعتقادهن بوجوب الستر عليهن ومع ذلك نراهن يتساهلن في ذلك فقد ترى منهم من لا يتقيد بستر الرجل فما هو حكم الشريعة في حقهن علما بأنهن لا يرعوين عن ذلك وإن نهين عنه ؟

الجواب : هن من اللاتي إذا نهين لا ينتهين ويجوز النظر إلى ما ظهر من الرجل من دون تلذذ شهوي أو ريبة . استفتائات عن السید السیستانی.

مضافا الي ذلك لا ریب فی ان ظهور نساء اهل الذمه بل المسلمین غیر المبالیات فی المجتمع المسلمین بین النساء المحجبات یمکن ان یوجب الوهن بالاسلام و احکامه، و یوجب ترویج المنکر فعلیهذا یجب علی الحکومه في فرض وجودها و بسطها و وجود حکام المسلمین ان تمنع الحكومة ظهورهن مکشفات بغیر الستر و يجب أن تأمرهن برعایه الستر الاسلامی علی الجمیع.

 

أهمية البحث عن النظر في الفقه و كثرة مسائله لأجل أهمية العفاف و الجداب في المجتمع و النظر في الحقيقة مدخل الي القلب.

فینبغی الفحص عن ملاک تشریع قانون الحجاب و التحقیق فی علّة جعل أحکام الستر و النظر.

و الذی یقتضیه التحقیق فی آیات تشریع الحجاب و التأمّل فی نصوص الستر و النظر.
أنّ ملاک إیجاب الستر علی المرأة و تحریم النظر علی الرجال هو صیانة الرجال المؤمنین و النساء المؤمنات من الفحشاء و الفساد و المنکرات و الرذائل الموجبة للضلالة و محو الایمان و السقوط عن درجات الکمال و إعداد میادین الرشد و الکمال و الفلاح للبشر.
و ذلک لأن بمقتضی غریزة الشهوة التی أودعها اللّه تعالی فی الإنسان لغرض تولید النسل و تشکیل الأسرة یکون لکلّ من الرجال و النساء تمایلًا جنسیاً بالآخر.
و علی هذا الأساس یحدث فی الرجال انفعال و تأثُّر شهوانی بسبب النظر إلی ما أبدت النساء من محاسنهن و جمالهنّ و زینتهن.
و هو یوجب فساد قلوبهم و یجرّهم إلی الفساد و الفحشاء. و بذلک یُحرمون عن الرشد و الکمال و الفلاح و یُبعدون عن الهدف من الخلقة.
هذا مضافاً إلی ما یترتب علی ذلک من المفاسد فی مجتمع المؤمنین و الاختلال فی نظام الأسرة و المعاش و محق العواطف الإنسانیة.

و إنّ تشریع قانون الحجاب من أهمّ العوامل المانعة من نفوذ الفساد فی قلوب المؤمنین و المؤمنات و توجب بالمآل طهارة قلوبهم

و إنّ قانون الحجاب من أحکم عروة النجاة من مهلکة الفساد و زوبعة الضلالة، کما ورد عن الصادق (علیه السّلام(:

مَا اعْتَصَمَ أحد بِمِثلِ مَا اعْتَصَمَ بِغَضِّ الْبَصَرِ فإنَّ الْبَصَرَ لا یُغَضُّ عَنْ مَحَارِمِ اللّٰهِ إِلّٰا وَ قَدْ سَبَقَ إلی قَلْبِهِ مُشاهَدَةُ الْعَظَمَةِ و الْجَلالِ. بحار الأنوار: ج 101 ص 41 ح 52.
و فی قبال ذلک قد عُدّ کشف المحاسن و إبداءُ مواضع الزینة من النساء و نظر الرجال الأجانب إلیهنَّ موجباً لزرع الشهوات فی القلوب و إنبات الفسق فی النفوس. کما ورد عن الصادق (علیه السّلام) فی صحیح الکاهلی: (النَّظْرَةُ بَعْدَ النَّظْرَةِ تَزْرَعُ فی الْقَلْبِ الشَّهْوَةَ وَ کَفی بِها لِصاحِبها فِتْنَةً . الوسائل/ ج 14 ب 104 من مقدمة النکاح ص 139 ح 6.
و ورد عنه (علیه السّلام): (قالَ عیسی بنُ مَرْیَمَ لِلْحَواریِّینَ: إیّاکُمْ و النَّظَرُ إلی الْمَحذُورات، فَإنّها بَذْرُ الشّهَواتِ وَ نَباتُ الْفِسقِ) بحار الأنوار: ج 101 ص 42 ح 52.
و کما ورد فی المرفوع عن علی (علیه السّلام): لا تکُوننَّ حدیدَ النَّظر إلی ما لَیس لَکَ، فَإنَّهُ لا یَزْنی فَرْجُک ما حَفِظْتَ عَیْنَیْکَ. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید ج 20 ص 236.



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری: