الخطبة الأولى: 12/7/98 – 5 صفر المظفر1441
توصية بتقوی الله عزوجل
عباد الله ! أوصيکم و نفسي بتقوی الله و اتباع أمره و نهيه و أحذركم من عقابه.
الموضوع: الأخلاق الإسلامية (الأخلاق الإلهية) (الدعاء حضور في محضر الله)
إنّ الحثّ على الدعاء ممّا أكّد عليه القرآن وأوصى به المعصومون (ع) أيَّما توصيةٍ؛ ألا تسمعون جلَّ مِن قائلٍ في كتابه الكريم:
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ.
وكذلك قوله تعالى: وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ.
وإن كان تعالى قد ضمن إجابة الدعاء، فهل يعني ذلك انتفاء الحاجة له في حال عدم الإجابة؟ وهل الإجابة هي غاية الدعاء فحسب؟
عبادَ الله
إنّ الله حكيم لا يعمل بخلاف مقتضى حكمته؛ فلا يمكن لأي وسيلةٍ من قبيل الدعاء أن تؤثِّر فيها تغييراً، ما يجعل طلبَ الداعي غيرَ خارجٍ من إحدى حالتين:
إما أن يكون صلاحاً له فيستجيب الله، أو لا صلاحَ له فيه فلا يستجيب.
فإن كان الأمر كذلك، فما دور الدعاء في هذه الحالة؟
للدعاء دورٌ مهمٌّ جداً، إذ إنّ من الحاجات ما ارتهن صلاحها بالدعاء، فإن طلبها العبدُ صار تحقيقها صلاحاً له، وإلا فلا.
فعن الصادق (ع):"يا ميسر، ادع الله و لا تقل ان الامر قد فرغ منه ان عند الله منزلة لا تنال الا بالمساله و لو ان عبدا سد فاه و لم يسال لم يعط شيئا فاسال تعط. يا ميسر انه ليس يقرع باب الا يوشك ان يفتح لصاحبه".
ما يبيّن موضوعية الطلب والدعاء بغضّ النظر عن الإجابة. فعدم الطلب من الله يعني حرمان العبد من فضل الارتباط بالله؛ فقد ورد في الحديث عن الصادق (ع): من لم يسال الله من فضله افتقر .
إن كان ظاهر الحديث ربط مسألة الله بالحصول والغنى، والإعراض عنه بالفقر، إلا أن الأمر أبعدُ من ذلك وأوسعُ برأيي المتواضع؛ فالتواصل وإبقاء حالة الارتباط مع جهةٍ ما مؤشِّرٌ على حسن العلاقة وعدم انغلاق باب الحديث عند الحاجة، كما تذهب إليه الأعراف الدبلوماسية فيما يخص السفارات التي يشير بقاؤها في دولةٍ ما على استمرار قنوات الاتصال وحسن العلاقات، ولله المثلُ الأعلى. فانقطاع الدعاء يعني غياب التواصل مع الله والحرمان من التعرض لفضله، وهو تعالى مصدر كل خير، ما يجعل العبد فقيراً بكل معنى الكلمة.
فالعبودية، وهي من أعلى درجات القرب إلى الله ومطلوبه، باعتبارها تعبيراً عن منتهى الخضوع والخشوع والافتقار إلى الحق، تتجلى في الدعاء؛ يقول تعالى:
و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون.
فالدعاء عبادة، بل هو جوهر العبادة ومخها؛ فعن الرسول الأكرم (ص): "الدعاء مخ العباده"
وكأن العباداتِ كلَّها لا تكتمل إلا باستيعاب حقيقة الدعاء، المتمثلة بالارتباط بالله وإظهار العبودية له، ما يجعله سبباً للأجر والمثوبة أيضاً؛ فقد ورد في الأثر:
"دعاء المومن يضاف الى عمله و يثاب عليه فى الاخره كما يثاب على عمله".
عبادَ الله
في ضوء ما ذكرنا، يظهر أن إجابة الدعاء أبلغ تعبير عن حب الله لعبده الذي يحضر محضرَه، والله أكرمُ من أن يردّ من دعاه خائباً.
وإياكم أن تحصروا إجابة الدعاء بتلبية الحاجة فحسب؛ إذ قد يرى الكريم مصلحةً في عدم تلبية حاجة العبد لضرره عليه. فالأمُّ أحياناً على عطفها بطفلها تحرمه من بعض الأمور لصالحه، فكيف بأرحم الراحمين!؟
ولعل أبلغ تعبير عن تلك الحالة ما ورد في دعاء الافتتاح:
"وَلَعَلَّ الَّذي اَبْطأَ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الاُْمُورِ، فَلَمْ اَرَ مَوْلاً كَريماً اَصْبَرَ عَلى عَبْد لَئيم مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ، اِنَّكَ تَدْعُوني فَاُوَلّي عَنْكَ، وَتَتَحَبَّبُ اِلَيَّ فَاَتَبَغَّضُ اِلَيْكَ، وَتَتَوَدَّدُ اِلَىَّ فَلا اَقْبَلُ مِنْكَ، كَاَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لي، وَالاِْحْسانِ اِلَىَّ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ وَجُدْ عَلَيْهِ بِفَضْلِ اِحْسانِكَ اِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ"
وورد في الحديث:
"ان العبد ليدعو الله و هو يحبه فيقول لجبرئيل اقض لعبدى هذا حاجته و أخرها فانى احب ان لا ازال اسمع صوته. و ان العبد ليدعو الله عزوجل و هو يبعضه فيقول : يا جبرئيل ، اقض لعبدى هذا حاجته و عجلها فانى اكره ان اسمع صوته".
إن كثرة الدعاء والمواظبة عليه علامة حب الله؛ لا تلبية الحاجة من الدعاء، بل إن رحمة الله تحفُّ العبد الملحَّ في دعائه، فقد ورد في الأثر: "رحم الله عبدا طلب من الله شيئا فالح علي".
لأن الإلحاح تعبير عن الإصرار في الارتباط مع الله مهما كانت النتائج والظروف، وهو غاية الخلق والعبادة.
فإن أردنا استخلاص مفهوم الدعاء، باعتباره رمزاً للارتباط مع الله وتسليماً لأمره في الإجابة، ما علينا سوى ترديد عبارات أمير المؤمنين (ع) في دعاء كميل، والتي تجسد غاية العشق الإلهي في الدعاء:
".. . فَلَئِنْ صَيَّرْتَنِي لِلْعُقُوباتِ مَعَ أَعْدائِكَ، وَجَمَعْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَهْلِ بَلائِكَ، وَفَرَّقْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبّائِكَ وَأَوْلِيائِكَ؛ فَهَبْنِي يا إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ وَرَبِّي، صَبَرْتُ عَلَى عَذابِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَى فِراقِكَ؟ وَهَبْنِي صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلى كَرامَتِكَ؟ أَمْ كَيْفَ أَسْكُنُ فِي النّارِ وَرَجَائِي عَفْوُكَ؟ فَبِعِزَّتِكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ أُقْسِمُ صادِقاً، لَئِنْ تَرَكْتَنِي نَاطِقاً لَأَضِجَّنَّ إِلَيْكَ بَيْنَ أَهْلِها ضَجِيجَ الآمِلِينَ، وَلَأَصْرُخَنَّ إِلَيْكَ صُراخَ المُسْتَصْرِخِينَ، وَلَأَبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكاءَ الفاقِدِينَ، وَلَأُنادِيَنَّكَ أَيْنَ أَنْتَ يا وَلِيَّ المُؤْمِنِينَ، يا غايَةَ آمالِ العارِفِينَ، يا غِياثَ المُسْتَغِيثِينَ، يا حَبِيبَ قُلوُبِ الصّادِقِينَ، وَيا إِلهَ العالَمينَ..."
نسأله تعالى أن يجعلنا من أهل عبادته ودعائه. إنه سميع الدعاء.
و نسأله تعالى أن ينصرنا و يوفقنا لننهل من المعارف الدينية الحقيقية الاصيلة و وأتضرع الیه أن يأخذ بيدنا لتحصیل ما یوجب رضاه بلزوم تقواه.
وأستغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات.
ان أحسن الحدیت و أبلغ الموعظه کتاب الله:
الخطبة الثانية: 12/7/98 – 5 صفر المظفر1441
اللهم صل وسلم علی صاحبة هذه البقعة الشریفة، الکریمة علی رسول الله وأمیر المومنین، والعزيزة علی أخویها الحسن والحسین، بطلة کربلاء و عقیلة الهاشمیین، بنت ولی الله، و أخت ولي الله، وعمة ولي الله، زینب الکبری علیها أفضل صلوات المصلین.
اللهم وفقنا لخدمتها في هذا المکان الشریف، وهب لنا دعاءها الزکي، وارزقنا شفاعتها المقبولة، آمین یا رب العلمین.
عباد الله! أجدّد لنفسي ولکم الوصیة بتقوی الله، فإنها خیر الأمور وأفضلها.
هانحن قد دخلنا شهر صفر الذي يعجُّ بالأحداث والذكريات الإسلامية الطافحة بالدروس والعبر؛ إذ يصادف اليوم التاسع من شهر صفر ذكرى اسشتهاد الصحابيّ الكبير والمجاهد العظيم عمار بن ياسر (رض).
ولا ريب في أنّ التعرّف على الرعيل الأول من رجالات الإسلام يسلّط مزيداً من الضوء على مرحلةٍ مهمّة من تاريخ ديننا، ما يُعيننا في بناء حاضرنا ومستقبلنا؛ باستلهام الدروس والعِبَر لتجاوز العقبات والتحدّيات. وحَرِيٌّ بنا أن نقرأ التاريخ بتمعّنٍ كي نأخذ دورنا في صناعته لصالح أنفسنا ومجتمعِنا وأمّتِنا متجنّبين تكرارَ مآسيه؛ وقد بلغ من اهتمام الإمام عليّ (عليه السلام) بالتاريخ أنّه حثّ ابنه الإمام الحسن (عليه السّلام) على دراسته بعين الناقد الفاحص وذلك في الوصية التي كتبها إليه عند انصرافه من صفّين، قال فيه:
"أيْ بُنَيَّ إنِّي وَإنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَفَكَّرْتُ فِي أخْبَارِهِمْ، وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إلَيَّ مَنْ أُمُوِرِهِمْ، قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أوَّلَهَمْ إلى آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مَنْ ضَرَرِه".
وفي عصر الفتن والتحوّلات المتسارعة التي نعيشها هذه الأيام، تزداد الحاجة للعودة إلى التاريخ بالبحث عن الشخصيات التي لم تَحِدْ عن مبادئها قيدَ أنمُلة في مواجهة التحدّيات التي واجهها الإسلام في عصر الفتنة الكبرى؛ حيث كان الحقّ قد اختلط بالباطل، سقط خلالها البعض أمام مُغرَيات الدنيا وتقلّبات الدهر، بينما ثبتت القلّةُ على الصراط المستقيم، فصار ذكرهم خالداً واسمهم عاطراً؛ ومنهم صاحب الذكرى عمار بن ياسر الذي تميّز بنفاذ البصيرة في الحقّ واتّباع علي (ع)، حتى قال (رض): "... واللهِ لو ضربونا حتَّى يبلغوا بنا السعفات من هجرٍ لعلمنا أنَّا على الحقِّ، وأنَّهم على الباطل".
لقد استثمر ذلك الصحابي الجليل تجربته الطويلة في الدفاع عن الإسلام لبناء منظومة فكرية عقائدية صلبة تتكسر عليها أمواج الشبهات، حتى صار بنفسه معياراً لتحديد الحق والباطل.
فقد كان أحد السابقین الى الاسلام و الجهر به. هاجر الى المدینه، و شهد بدرا و احدا و الخندق و بیعة الرضوان. و کان النبي (ص) یلقبه " الطیب المطیب". الاعلام للزركلي/ ج5/ ص36-37.
ومنذ دخوله الاسلام لم يترك موقفاً فيه لله ولرسوله رضىً الا وشارك فيه بعزم راسخ وايمان لا يلين يدافع عن الاسلام ورسالته، وبعد وفاة الرسول ص كان في عداد انصار علي ع قاتل معه في الجمل وصفين حتى استشهد وصلى عليه علي ع متأثراً لفقده؛ إذ فقد اخلص اصحابه و افضلهم، و قُطع عضده المقتدر، و اغتمّت نفسه المقدّسه وضاق صدره، فقال: رحم الله عمّاراً یوم اسلم، و رحم الله عمّاراً یوم قُتل، و رحم الله عمّاراً یوم یُبعث حیّاً. الاقتباس من: موسوعة امام علي (ع)، محمد محمدي الريشهري.
نعم ايها الاعزة! كان عمار نموذجاً لمن استوعب التاريخ ببصيرة فاختار طريق الحق، فوقف مواقفه التاريخية ملازماً الحقَّ وأهلَه.
وقد كرر التاريخ مع عمار قصة استشهاده وهو شيخ يربو على التسعين من عمره، حين استهدفت الجماعات التكفيرية مقامه الشريف بالرقة؛ وليس بغريب عنهم ذلك العمل الشائن وهم ارتكبوا اشنع الجرائم بحق الانسانية؛ قاتلهم الله انى يؤفكون.
كما كرر التاريخ نفسه مع عمار ولكن في صورة ناصعة هذه المرة حين شهدنا في السنوات الأخيرة كثيراً من الاشخاص و المجاهدين نظير عمار بن ياسر في محور المقاومة و في هذا البلد الحبيب سورية من الشعب السوري المقاوم و من القوى الحليفة و الرديفة، ومنهم القائد البطل الحاج أبو وهب الشهيد همداني الذي استشهد قبل سنوات في حلب، ونحن نعيش ذكرى استشهاده هذه الايام؛ فقد كان الشهيد همداني نموذجاً عمارياً للشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الدين وقيمه السامية والوطن.
و كما ان الامام علي(ع) كان يفتخر بعمار، كذلك اليوم فان قادة الأمة يفتخرون بالشهداء و المجاهدين و الجرحى الذين نعتبرهم من صناع العز و الفخرو الشرف. وممن يبشرون الأمة بمستقبل زاهر زاخر بالنصر والأمل،
و هذا هو الذی دعا الإمام الخامنئي دام ظله يستبشر بالمستقبل بوجود عماريي العصر؛ ففي لقاء سماحته الأخير مع قادة حرس الثورة الإسلامية أكّد الإمام الخامنئي على أنّ سياسة الضّغط القصوى التي اتّبعها الأمريكيّون ضدّ إيران مُنيت بالهزيمة وأوضح سماحته قائلاً: كانوا يظنّون أنّه لو تركّزت سياسة الضّغوط القصوى على إيران فسوف تُجبر الجمهوريّة الإسلامية على أن تلين؛ لقد أدركوا حتّى هذه الساعة أنّ سياسة الضغوط القصوى أوقعتهم هم في المشاكل بحول وقوّة من الله.
وما هذا الإنجاز إلا بفضل حضور العماريين في كل ساحٍ بمحور المقاومة، التي بلغت من العزة مستوىً دفع الرئيس الامريكي كي يلتمس من الرئيس الايراني ان يلبي طلبه بالتقاط صورة تذكارية معه في الامم المتحدة ليعرضها على الشعب الامريكي كإنجاز له في مواجهة الجمهورية الاسلامية، ولكن احلامه ذهبت أدراجَ الرياح، لأن محور المقاومة يأبى الخنوع والتنازل أمام التهديدات، بل هو على أتمِّ جهوزيةٍ في التعامل مع الفتن، ما ظهر منها وما بطن؛ حيث أشار إمامنا القائد في كلمته الأخيرة إلى تهديدات الأعداء وخاطب سماحته قادة الحرس الثوري قائلاً: لا تخشوا العدو أبداً لكن فلتحافظوا على اليقظة التامة وليكن لديكم تقييم واقعي وصحيح للعدو. ينبغي أن لا يُخشى من العدو مهما كان قويّاً وأيضاً لا ينبغي عدم الاكتراث للعدو مهما كان صغيراً.
لقد ألحق محور المقاومة بيقظته الهزيمة بالأعداء في المنطقة، حتى صار الامريكان يلتمسون الأعذار باللجوء للكذب تبريراً لإخفاقاتهم بالادعاء أنهم قضوا على داعش، وقد لفت الإمام الخامنئي إلى الأثمان التي تكبّدها الأعداء خاصّة أمريكا في أفغانستان، والعراق وسوريا قائلاً: لقد أوجدوا داعش بعد دفع أثمان باهظة ومدّوه بالدّعم التسليحي، والمالي والدّعائي والآن بعد أن أزيل داعش بهمّة الشباب في سوريا، والعراق وإيران يكذبون ويقولون بأنّنا سحقنا داعش!
ونقول للأعداء جميعاً:
لقد دخلنا عصر المقاومة التي تأبى الخنوع والهوان أمام غطرسة الاستكبار والصهيونية، ولن تحيد عن ثوابتها قيدَ أنملة مهما بلغت التحديات واشتدت الظروف.
ايها المؤمنون والمؤمنات
يصادف اليوم ذكرى استشهاد طفلة الحسين ع رقية التي تجسد رمز التضحية الحسينية بأغلى ما يملك في سبيل الحق، ولكن ذلك لا يمنع من التأثر بمصابها الذي يهد الجبال الرواسي؛ ألا ساعد الله قلب زينب على ذلك!
نعم ان مولاتنا السيدة رقيه بنت الامام الحسين(ع) التي كانت بنتا صغيرة له(ع) و توفيت عند رأس أبيها بخربة الشام و عند عمتها زينب و أم كلثوم و عند الامام الباقر الذي له اربع سنين أو سنتان و نصف حسب اختلاف الروايات.و دفنت بخربة الشام.
قال المحدث القمي : وفي كامل البهائي نقلا من كتاب الحاوية أن نساء أهل بيت النبوة أخفين على الأطفال شهادة آبائهم ويقلن لهم إن آباءكم قد سافروا إلى كذا وكذا ، وكان الحال على ذلك المنوال حتى أمر يزيد بأن يدخلن داره ، وكان للحسين ( عليه السلام ) بنت صغيرة لها أربع سنين قامت ليلة من منامها وقالت : أين أبي الحسين ( عليه السلام ) فإني رأيته الساعة في المنام مضطربا شديدا .
فلما سمع النسوة ذلك بكين وبكى معهن سائر الأطفال وارتفع العويل ، فانتبه يزيد من نومه وقال : ما الخبر ؟
ففحصوا عن الواقعة وقصوها عليه ، فأمر بأن يذهبوا برأس أبيها إليها ، فأتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها ، فقالت : ما هذا ؟
قالوا : رأس أبيك .
ففزعت الصبية وصاحت فمرضت وتوفيت في أيامها بالشام .
وروى هذا الخبر في بعض التأليفات بوجه أبسط وفيه : فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطى بمنديل دبيقي ، فوضع بين يديها وكشف الغطاء عنها ، فقالت : ما هذا الرأس ؟
قالوا : إنه رأس أبيك . فرفعته من الطست ، حاضنة له وهي تقول :
يا أبتاه! من ذا الذي خضبك بدمائك ؟ يا أبتاه! من ذا الذي قطع وريديك؟
يا أبتاه! من ذا الذي أيتمني على صغر سني؟ يا أبتاه! من بقي بعدك نرجوه.
يا أبتاه! من لليتيمة حتى تكبر؟ - وذكر لها من هذه الكلمات إلى أن قال : - ثم إنها وضعت فمها على فمه الشريف وبكت بكاء شديدا حتى غشى عليها ، فلما حركوها فإذا هي قد فارقت روحها الدنيا . فلما رأى أهل البيت ما جرى عليها أعلوا بالبكاء واستجدوا العزاء وكل من حضر من أهل دمشق فلم ير ذلك اليوم إلا باك وباكية ، انتهى. موسوعة شهادة المعصومين (ع) ج 2 ص 386.
اللهم؛ ان هذا اليوم يوم الجمعة و سيد أيام الأسبوع وهذه الأيام التي نعيشها و هي من أيامك الكبرى ؛ فبحق محمد و آل محمد اغفر ذنوبنا و اعتق رقابنا من النار و أدخلنا الجنة و أوصلنا مقام الرضى و الرضوان.
اللهم؛ بحق محمد وآل محمد، اجتث جذور الفتن من أمتنا الإسلامية ، ما ظهر منها وما بطن، وردَّ كيد أعدائها في نحورهم.
اللهم؛ بحق محمد وآل محمد، ابلُغ بنا ذروة مقام العبودية لك وقمة درجات الانعتاق من الشيطان بتعجيل ظهور مولانا صاحب العصر والزمان.
اللهم؛ بحق محمد وآل محمد، أعطِ جوائزك السنيّةَ لأمة خير خلقك، شفاءً للمرضى وفِكاكاً للأسرى وتسكيناً للقلوب وجمعاً للشمل وتحقيقاً للآمال وتخفيفاً للآلام ونصراً لأوليائك ورغماً على أعدائك.
اللهم انصر إخواننا المظلومين وانصر المجاهدين منهم في كل مكان.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائرَ بلاد المسلمين.
اللهم احفظ مراجع تقليدنا العظام وعلمائنا الأعلام لا سيما سيدَنا الإمام الخامنئي (دام ظله)، وأيده بتأييدك وانصره بنصرك وأطل عمره في عافية وعزة واحرسه بعينك التي لا تنام يا رب العالمين.
اللهم ارحم امواتنا و اموات المسلمين جميعا يا الله‘ لا سيما الشهداء و أعل درجتهم وارزقنا شفاعتهم يا رب العالمين.
الاخوة و الأخوات‘ الذين شاركوا في صلاة الجمعة! اقض حوائجهم‘ اشف مرضاهم‘ ارحم موتاهم‘ سلم مسافريهم‘ أد ديونهم‘ اغفر ذنوبهم بحق محمد و آل محمد. اللهم اغفر لنا و لوالدينا و لمن وجب له حق علينا.
استغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات. ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله: