نسخة الموبایل
www.tabatabaey .com
‎رسالة سماحة آية الله السيّد الطباطبائيّ الأشكذريّ، ممثّل الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في سوريا ‎بمناسبة ذكرى ولادة الأنوار الشعبانيّة الثلاثة 1441 هـ. 2020 م
رقم المطلب: 813 تاریخ النشر: 04 شعبان 1441 - 13:41 عدد المشاهدة: 499
أخبار خاصة » عام
‎رسالة سماحة آية الله السيّد الطباطبائيّ الأشكذريّ، ممثّل الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في سوريا ‎بمناسبة ذكرى ولادة الأنوار الشعبانيّة الثلاثة 1441 هـ. 2020 م


‎باسمه تعالى
‎مع غرّة شعبان المعظّم المُزدانة بأنوارٍ ما برحت تشعّ الدنيا ضياءً منذ الأزل حتى الأبد.
‎وفي فصل الربيع المعنويّ، يتربّع شهر شعبان وسَطاً بين رجب ورمضان في "أشهُر النور" التي تنشر سَناها مناجاةً ودعاءً واستغفاراً وصفاء

لقد اقتضت حكمة الله أن يركّز نوره الذي يعمّ الكون، في بؤرةٍ تهدي إليه وتضفي على كلّ شيئٍ تعرّض لها مزيداً من التألّق والتلألؤ، يقول تعالى: "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ". أمّا محلّ تلك البؤرة النوريّة التي لولاها لما زاد نور أشهُر النور نوراً على نور، فهو "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ"؛ فهم أولياء الله المعصومون الذين خلقهم من نور عظمته، كما يروي السيوطي في الدر المنثور ( أخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة قال: قرأ رسـول اللـه صلى الله عليه وسلم هذه الآية: في بيوت أذن الله أن ترفع، فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يارسول الله ؟ قال: بيوت الأنبياء. فقام اليه أبو بكر فقال: يارسول الله، هذا البيت منها ـ لبيت علي وفاطمة ـ ؟ قال: نعم من أفاضلها).

عودٌ على بدءٍ...
النور الأوّل الذي زاد شهر شعبان بهاءً، فهو الإمام الحسين (ع) الذي بلغ من العظمة عند الله شأناً رفيعاً حتى أمر تعالى لحظة ولادته (ع) "مالك" خازن النار، أن أخمِدِ النیران على أهلها؛ لكرامة مولود وُلد لمحمّدٍ في دار الدنیا.

إن كانت النار صارت برداً وسلاماً على إبراهيم وحده بإذن الله، فإنّ نور الحسين (ع) أطفأ نار جهنّم إنقاذاً للبشريّة جمعاء من آلامها ومعاناتها؛ ولن يكون "حسينياً" إلا من يحمل تلك الرسالة العالميّة باذلاً مهجتَه في هذا السبيل.
أمّا النور الثاني في هذا الشهر؛ فهو أخو الحسين أبو الفضل العبّاس (ع) الذي جسّد قمّة التضحية والإيثار والفداء والولاء، ويكفيه فخراً وشرفاً أن خاطبه الحسين (ع) يومَ تاسوعاء: "بنفسي أنت...".
والنور الشعبانيّ الثالث، هو الإمام السجّاد (ع) الذي تجلّت فيه حقيقة السجدة رمزاً لأوج العبوديّة لله، حتى لقّب بزين العابدين وسيّد الساجدين.

تلك الأنوار الإلهيّة الثلاثة منارات هداية إلى الله طهارةً ونقاءً وإنسانيّةً، تدعونا للانتهال من عذب نمير محبّة الله بعد أن ذاقت حلاوة القرب منه. وما الحثّ على المواظبة على المناجاة الشعبانيّة وصيّةً من أولياء الله، والتزماً من العارفين به والسالكين إليه والعابدين الحقيقيّين من ذوي البصيرة كالإمام الخمينيّ (رض) والإمام الخامنئي (دام ظلّه) وسائر مراجع التقليد والعلماء، إلا لمعرفتهم بأهميتها في ترسيخ حالة الاقتباس من ذلك النور الإلهيّ الذي يجعل أعينهم تفيض من الدمع عبوديّةً لله وخشيةً منه.

وأخيراً...
يحلّ شهر شعبان كلّ عامٍ وشعبنا يحيي فيه يوم مآثر أبطاله الأشاوس من حرسٍ وبسيجٍ ومصابين وجرحى (يحتفل بذكرى ولادة الإمام الحسين (ع) يوماً للحرس الثوريّ، وذكرى ميلاد أبي الفضل العبّاس (ع) يوماً للمصابين والجرحى)، مستذكرين قول الإمام الخمينيّ (رض) في حقّهم: "لقد قطعوا طريق المائة عام في ليلة..."؛ إذ بالشهادة والإيثار والتضحية والإخلاص يمكن اختصار سبيل الارتقاء الروحيّ والمعنويّ إلى الله... ولا ننسى أبطال الدفاع عن الحرم والحرمات، وأبطال الدفاع عن الصحة والسلامة ممّن تمثّلوا تلك القيمَ أيضاً في التصدّي للأوبئة والأمراض.

إنّنا إذ نبارك للجميع هذه الأيّام المباركة، نسأله تعالى بحقّ الأنوار الشعبانيّة المقدّسة أن يطفئ نيران جائحة كورونا التي تحرق أرواح البشر.
اللّهمّ بارك لنا في شعبان وبلِّغنا رمضان يا أرحم الراحمين."
 


Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری: