نسخة الموبایل
www.tabatabaey .com
"الزهراءُ أمُّ أبيها"
رقم المطلب: 610 تاریخ النشر: 23 جمادي الثاني 1440 - 22:28 عدد المشاهدة: 878
خطبة صلاة الجمعة » عام
"الزهراءُ أمُّ أبيها"

الخطبة الأولى: 971210     23جمادي الثانية 1440

توصية بتقوی الله عزوجل

عباد الله ! أوصيکم و نفسي بتقوی الله و اتباع أمره و نهيه و أحذركم من عقابه.

الموضوع: "الزهراءُ أمُّ أبيها"

كنتُ أَوَدُّ أن أخَصِّصَ خطبةَ جمعة الأسبوعِ الفائتِ للحديثِ عن ذكرى ميلاد بضعة الرسول (ص)، سيدتِنا ومولاتِنا فاطمةَ الزهراءِ البتولِ (س)، فَاضْطُرَّني داعي السفرِ للحُؤولِ دونَ ذلك الشرفِ العظيمِ، ورأيتُ ألّا أَحْرِمَ نفسي وإيّاكم هذا اليومَ من انتهال فضلِ ذلك الكوثر العَميمِ، ونحن لا نزالُ نعيشُ أجواءَ المولدِ الفاطميِّ العاطرةَ، كي نغتنمَ الفرصةَ لبيانِ بعضِ فضائلِها الفاخرةِ، سائلين اللهَ تعالى أن يجعلَنا من المتمسِّكين بنهجِها وعِتْرتِها الطاهرةِ.

عبادَ الله!

إن لم يكن لفاطمةَ (س) من فضلٍ سوى ما كَنّاها أبوها رسولُ الله (ص) بأمِّ أبيها، لكفاها بذلك فخراً لا يُضاهيهِ أيُّ فخرٍ! فقد ذكرَ الأِربليُّ في "كشف الغُمَّة" أنَ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يُعَظِّمُ شأنَها ويرفع مَكانَها، وكان يُكَنِّيها بأمِّ أبيها.

لا ريْبَ في أنّ تلك الكُنيةَ انعكاسٌ لعَظَمَة مَقامِ الزهراء (س) وعُلُوِّ شأنِها؛ فهو أمْرٌ لا يختلفُ في استيعابه اثنان، ولا يُنكِرُ فهمَه إنسانٌ، وقد صَدَر مِن أَشْرفِ من عرفه الثَّقَلان، سيِّدِنا النبيِّ العدنانِ (ص), ورسولُنا الكريمُ، كما تعلمون، لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يوحى.

فما السرُّ- والحالُ هذه- في إسباغِهِ تلك الصفةِ على بضعتِه بالخصوص؟ وما الخصوصيّةُ التي تميَّزَتْ بها الزهراءُ البتولُ (ع) حتى تؤهِّلَها للتَّكَنّي بأمّ أبيها حسبَ ما نقلَت الصِّحاحُ من النصوص؟ 

لفظةُ الأمِّ في العربيةِ تعني أصلَ كلّ شيئٍ وأساسَه وجذرَه؛ إمّا من جهة الخلقِ والوجود أو من جهة الاستمرار والبقاء. فجذورُ النبتة الراسخةُ من أهمِّ عواملِ نموِّها وتفرُّعِ أغصانِها وأوراقها. وإنّما سُمِّيَت والدةُ الإنسان بالأُمِّ لدورِها الأساسِ فی وجود الإنسان ولادةً واستمرارِ حياته رعايةً...

فإنْ أسقَطْنا ذلك المعنى على الزهراء (س) في ضوء تلقيب رسول الله (ص) إيّاها بأمّ أبيها، لانْتَفَت الجهةُ الأولى من المعنى عضويّاً، ولم تَبْقَ إلا الثانيةُ؛ فكيف كانت الزهراء (س) سبباً لاستمرار وجود الرسول (ص) وخلوده؟

عبادَ الله!

للإجابة عن ذلك السؤال، ما علينا سوى الرجوع للقرآن الكريم كي نجدَ بُلْغَتَنا من خلال آياته. فهاكُم بعضَها: 

- سورة الکوثر

وقد أجمعَ المفسرون من سياق آياتها أنها خاصّةٌ بالزهراء (س)؛ فلا تخلو من دلالة على أنّ وُلدَ فاطمة (عليها السلام) ذريتُه (صلى الله عليه وآله)، وهذا في نفسه من مَلاحِم القرآن الكريم. فقد كَثَّر الله تعالى نسلَه بعدَه كِثْرةً لا يعادلهم فيها أيُّ نسلٍ آخَرَ مع ما نزل عليهم من النوائب وأفنى جموعَهم من المَقاتِل الذريعة حسْبَ ما ذكر العلامة الطباطبائي في تفسيره. وذكروا في شأن نزولها ما يلي:

"وكانت العرب تسمي من كان له بنون وبنات، ثم مات البنون وبقي البنات: أبترَ. فيقال: إن العاص وقف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يكلمه، فقال له جمع من صناديد قريش: مع من كنت واقفاً؟ فقال: مع ذلك الأبتر. وكان قد توفي قبل ذلك عبدُ الله ابنُ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وكان من خديجة; فأنزل الله جل شأنه: "إن شانئك هو الأبتر" أي المقطوع ذِكرُه من خير الدنيا والآخرة"

فهل ينحصر معنى استمراريّةِ الرسول (ص) بكثرة النسل الجسمانيِّ فحسبُ؟

لعلّ من ضيق الأفقِ الوقوفُ على مجرَّد ذلك المعنى؛ إذ لم يتحمّل رسولُ الله (ص) كلَّ تلك المصاعبِ والمَشاقِّ ليُخَلِّدَ ذِكرَه فقط.

فلعلّ في تلك الآيات والروايات أعظمَ إشارةٍ إلى ما للزهراء (س) من حقٍّ على الرسالة والإمامة في كافّة نجاحات ذلك الخطِّ الإلهيِّ وإنجازاتِه، ناهيك عن بقائه واستمرارها إسلاماً ثورياً رسالياً يمهِّدُ للحكومة العالمية الموعودة؛

فهی الکوثر الذی اعطاه الله تعالی لرسوله المصطفی لاستمرار دینه و شریعته الخالده ؛ فهي بحقٍّ أمُّ أبيها و بسببها استمرت الشریعه الاسلامیه الی یومنا هذا.

 

- آية المباهلة

و من الآیات القرآنیه التی تعيننا في مزيد من فهم معنى تلك الكنية الفاطمية؛ وهي الآية (61) من سورة آل عمران حيث يقول تعالى: ﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾

وقد نقل الفخر الرازي  وقائع القصة على التفصيل التالي:  

" روي أنَّه [صلي الله عليه وآله وسلم] أورد الدلائل علی نصاری نجران، ثمَّ  إنَّهم أصروُّا علی جهلهم، فقال [عليه السلام] :« إنَّ الله أمرنی إنْ لم تقبلوا الحُجَّة أنْ أباهلکم »، فقالوا: یاأبا القاسم! بل نرجع فننظرفي أمرنا ، ثمَّ نأ تیك ، و کان رسول الله[صلي الله عليه وآله وسلم]   خرج و علیه مرط  من شعر أسود ، و کان قد احتضن الحسین و أخذ بید الحسن ، و فاطمة تمشی خلفه ، وعليٌ رضي الله عنْه   خلفها، وهو یقول : إذا دعوتُ  فأمِّنوا ، فقال أسقف نجران : یا معشر النصاری ! إنِّي لأری وجوهًا لو سألوا الله  أن  یُزیل  جبلاً من مکانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلکوا ، ولا یبقی علی وجه الأرض نصرانیٌّ إلی یوم القیامة ، ثمَّ قالوا : یا أبا القاسم ! رأینا ألاَّ نباهلك وأنْ نُقرِّك علی دینك  رسول الله  [صلي الله عليه وآله وسلم]  و قال : و الذی نفسي بیده ، إنًّ الهلاك قد تدلَّی علی أهل نجران ، و لو لاعنوا لمُسِخُوا قردةً وخنازیرَ ، ولاضطرم  علیهم الوادي نارًا ، و لاستأصل الله نجران و أهله ، حتَّی الطیر علی  رؤوس الشجر..."

فيظهر من ذلك دور الزهراء (س) باعتبارها محور مواجهة الانحراف الفكريِّ والتغلُّبِ عليه. ناهيك عمّا بيبِّن من فضلها باختيارها دون سائر النساء من أمّهات المؤمنين وأزواج الرسول (ص) مع حضورهنّ. فكانت بحقٍّ أمَّ أبيها في صراع رسالة الإسلام ضدّ تيارات الانحراف وبقاء الدين...

- آية القربى

والآیه الثالثه هی آیه القربی وقوله تعالى: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى"

وقد اتفق المسلمون على نزولها في قرابة رسول الله (ص) القريبة؛ فقد روي عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اعرض على الاسلام. فقال: تشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله. قال: تسألني عليه أجرا؟ قال: لا إلا المودة في القربى. قال: قرابتي أو قرابتك؟

[وفي رواية: قرباي أو قرباك] قال: قرابتي. قال: هات أبايعك فعلى من لا يحبك ولا يحب قرباك لعنة الله. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: آمين.

أما عن مصداق تلك القرابة وتحديدها؛ فقد نقل الحاکم الحسکانيُّ ابن عباس أنه قال:

لما أنزلت: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما.

وهنا أيضا تتجلى محورية الزهراء (س) في تقييم أجر الرسالة؛ إذ ليست قرابةُ الرسول (ص) وقرباه سوى فاطمة ابنتِه ومن ارتبط بها زوجاً وهو علي ابن عم الرسول (ص) وكذلك من انتسب إليها نسباً وهما الحسنان (ع) سبطا الرسول (ص).

عباد الله!

إذن فاطمةُ هي أمُّ الرسالة والإمامة؛ التي لولاها لما بقي من الإسلام الأصيل إلا اسمُه ومن الشرع المحمدي إلا رسمُه. فسلام الله على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها...

فأسال الله تعالى أن يوفقنا و اياكم و الأمة الاسلامية جمعا لطاعته و عبادته و أساله تعالى أن يوفقنا لننهل من المعارف الدينية الحقيقية الاصيلة وأتضرع الیه ان ياخذ بيدنا لتحصیل ما یوجب رضاه  بلزوم  تقواه. واستغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات. ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية: 97/12/10     23جمادي الثانية 1440

اللهم صل وسلم علی صاحبة هذه البقعة الشریفة، الکریمة علی رسول الله و أمیر المومنین، و العزيزة علی أخویها الحسن والحسین، بطلة کربلا و عقیلة الهاشمیین ، بنت ولی الله، و أخت ولی الله، و عمة ولی الله، زینب الکبری علیها  أفضل صلوات المصلین.

أللهم وفقنا لخدمتها في هذا المکان الشریف، و هب لنا دعائها الزکي ، وارزقنا شفاعتها المقبولة، آمین یا رب العلمین.

عباد الله! أجدّد لنفسي ولکم الوصیة بتقوی الله، فإنها خیر الأمور وأفضلها.

أيها الاخوة و الأخوات!

أوَدُّ في هذه الخطبة الحديثَ عن تَطَوُّرٍ سياسيٍّ مُهِمٍّ سَجَّلَهُ مؤخَّراً مَسارُ العلاقاتِ السياسيّةِ بين الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة والجمهوريّة العربيّة السوريّة، مُتَمَثِّلاً في الزيارةِ التي قامَ بها سيادةُ الدكتورِ بشار الأسد رئيسُ الجمهوريّة العربيّة السوريّة لطهران، ولقائِهِ التاريخيِّ الاستثنائيِّ هناك بسماحةِ الإمام الخامنئيِّ (دام ظلُّه).  

إنّ مِثلَ تلك الزيارات وإن كانت ليست بغريبةٍ في تاريخ العلاقات الثنائيّة التي شَهِدَت قَفْزةً نوعيّةً إستراتيجيّةً منذ انتصار الثورةِ الإسلاميّة الإيرانيّةِ قبلَ أكثرَ من أربعةِ عقودٍ بقيادةِ الإمامِ الخمينيِّ (رض)، لتترسّخَ منذ عهدِ الرئيس الراحل حافظِ الأسد (ره) وتتعزَّزَ في مختلَفِ الأبعاد والمستوياتِ برعاية فخامةِ الرئيس الدكتور بشارِ الأسدِ؛ إلا أنّ الزيارةَ الأخيرةَ حملَتْ من المعاني والدَّلالاتِ ما يستَحِقُّ الوقوفَ عندَها واستعراضَ جوانِبِها المختلِفةِ.

وَلْنَبْدَأ بتَوقيتِ الزيارة الذي يتزامَنُ واحتِفالاتِ النصرِ السوريّةِ على قُوى الشرِّ الإرهابيّةِ التكفيريّةِ واعترافِ العالَمِ أجمَعَ بصوابيّةِ موقِفِها قيادةً وجيشاً وشعباً؛ فسارعَت كثيرٌ من حكوماتِها للطلبِ منها بإعادةِ علاقاتِها السياسيّةِ معها إمّا من خلال افتتاح السفاراتِ والبَعثاتِ الدبلوماسيّةِ بدمشقَ أو القيامِ بزياراتٍ رسميّةٍ لها...

نعم! لقد جاءت تلك الزيارةُ في وقتٍ يمُرُّ فيه أعداءُ سوريا الأبِيَّةِ بأوقاتٍ عصيبةٍ يعانون فيها من الضعفِ والهَوانِ وهُم على هاويةِ السقوطِ والانهيارِ؛ فهذه داعشُ تلْفِظُ أنفاسَها الأخيرةَ قبلَ القضاءِ عليها نهائياً تمهيداً لِبَسْطِ الدولة السوريةِ على كامل أرضها بعد تطهيرها من دَنَسِ الإرهابيين وأربابِهِم الأمريكان الذين انقلَبَتْ عليهم الطاولةُ وذهبَتْ أوهامُهُم بتقسيم سوريا أَدْراجَ الرياحِ حتى انحشَروا في زاويةٍ لم يَجِدوا بُدّاً من التخلُّصِ منها سوى التخبُّطِ بإطلاق تصريحاتٍ تعلن انسحابَهم أذِلّاءَ خانعينَ لا رغبةً منهم بذلك، بل خوفاً من ضرباتِ المقاومةِ التي تمثِّل سوريا من أهمِّ محاورِها.

وما يشرحُ صدورَ أبناءِ المنطقةِ المقاوِمين تزامُنُ تلك الزيارةِ مع دخول الثورة الإسلامية المباركة في إيرانَ عقدَها الخامسَ من عُمُرِها وهي أقوى من أيِّ وقتٍ مضى وقد تكَسَّرَتْ على صَخْرَتِها الصَّلْبَةِ أمواجُ مؤامراتِ أعدائها الذين كانوا يُمَنُّون أًنفُسَهم بمنع الشعب الإيرانيِّ من الاحتفال بدخول ثورتهم ربيعَها الأربعينَ، فخابَتْ ظنونُهم بحمد الله، ليصطدِموا بواقِعِ خطأِ حساباتِهم المعهودِ وَهُمْ يشهدون تعزيزَ موقف محور المقاومةِ بعد زيارةِ وفدٍ إيرانيٍّ رفيع المستوى مؤخَّراً لدمشقَ وتوقيع العديد من اتفاقيّاتِ التعاون الإستراتيجيّةِ بعيدةِ المَدى، في أوضَحِ تعبيرٍ عن أنَ ما يجمعُ سوريا بإيرانَ أعمَقُ بكثيرٍ من أنْ يناله تخرُّصاتُ الأمريكانِ والصهاينةِ.

وهنا نُشيرُ إلى البُعْدِ الآخَرِ للزيارة المتمثِّل في مستواها؛ حيث كانت الثانيةَ لسيادة الرئيس الدكتورِ بشارِ الأسدِ منذ الأزمة خارجَ البلادِ في رسالةٍ لكافّة الأعداء الذين راهَنوا على دَقِّ إسفينِ الاختلافِ بين إيرانَ وسوريا إمّا ترغيباً أو ترهيباً، ولكنّهم خابوا وخسِروا كما عبّر الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلُّه) عن ذلك بقوله إنّهم ظنّوا أنّ سوريا بقيادة الرئيس الأسد مثلُ بعض دول الأَعرابِ المنبطِحةِ في المنطقة التي اختارت الوقوفَ إلى جانبِ الكيان الصهيونيِّ الغاصبِ ذليلةً خانعةً داعيةً للتطبيع العلنيِّ معها دون خجلٍ أو حياءٍ. بينما قدَّم الرئيسُ الدكتورُ بشارُ الأسدُ نموذجَ القائدِ العربيِّ المقاوِم الذي لم تُغْرِهِ المُغْرَياتُ ولم تُرْهِبْهُ التهديداتُ كي يتنازلَ عن خطِّ المقاومةِ، فسَجَّلَ اسمَهُ في سِجِلِّ القادةِ العظماء وتحوَّل بطلاً قوميّاً عربيّاً على حَدِّ تعبير الإمام الخامنئيِّ (دام ظلُّه) يؤمن بالعلاقة الإستراتيجيّةِ الوثيقةِ التي تجمع إيرانَ بسوريا في محور المقاومة، ولن يتمكّنَ أحدٌ من المَسِّ بتلك العلاقة حتى تحرير فلسطينَ كلِّ فلسطينَ من البحر إلى النهرِ، وسيبقى شعارُ المحورِ الأبديُّ الذي نُرَدِّدُه دائماً بأعلى أصواتنا "الموت لإسرائيل"...

أمّا البُعْدُ الثالثُ للزيارة فتجلّى في تفاصيل الاستقبال الوُدِّيِّ المُمَيَّزِ الذي تلقّاه فخامةُ الرئيس الدكتور بشار الأسد من قِبَلِ الإمامِ الخامنئيِّ (دام ظلُّه)؛ حيث احتضنه بحرارةٍ ودِفءٍ لا نظيرَ له تعبيراً عن المكانةِ الخاصّةِ التي يحظى بها فخامتُهُ في قلب الإمامِ القائدِ في موقفٍ لم يَحْظَ به أيٌّ من رؤساء الدول الأخرى؛ فقد بَدَت الزيارةُ- كما ذكر أحدُ الخبراءِ- أكثرَ من زيارة انتصار ووفاء، ومن المجحف حصرُ أبعاد هذه الزيارة بالتهنئة والشكر، لم تكن لغة الجسد التي ظهرت على الرئيس الأسد دبلوماسيّةً، بل غابت قواعد البروتوكول عن المشهد، قائد الثورة الإسلاميّة آية الله خامنئي قابله بالمحبة ذاتها أيضاً حيث احتضن "الرئيس المنتصر" بحرارة زادتها دفئاً اللغة العربية التي تحدّث بها الطرفان. ناهيكَ عن حضورِ الحاجّ قاسم سليمانيّ قائدِ قوة القدس في الحرس الثوري الإسلامي في لقاءات الرئيس الأسد، ما يعكِسُ طبيعةَ العلاقة بين البلدين، والتي رُوِيَتْ بدماءِ الشهداء التي يستحيلُ على الأمريكانِ والصهاينةِ ضربَها أو فَكَّ الارتباطِ بينهما.

أيها المؤمنون والمؤمناتُ!

أمّا مضمونُ الأحاديثِ التي تُبُودِلَتْ في لقاء الرئيس الأسد مع السيد القائد، فقد كانت تحمل من الرسائل التي فهمها العدوُّ قبلَ الصديق؛ حيث قال الإمامُ الخامنئيُّ لضيفه العزيز: "إن مفتاح النصر في سوريا، وهزيمة أمريكا ومرتزقتها في الإقليم، هو الرئيس السوري وعزيمة الشعب ومقاومته"، مؤكداً أن هوية المقاومة وقوتها تعتمدان على التحالف الاستراتيجي لسوريا وإيران، الذي من شأنه إفشال تنفيذ خطط الأعداء، وفي مقدّمتهم أمريكا.

كما أكّد سماحتُه على ضرورة الحفاظ على روحيّة الصمود ومضاعفة قوّة الشعب والحكومة السورية وتوجّه إلى السيّد بشار الأسد قائلاً: "لقد أثبتّم سيادة الرّئيس بصمودكم أنّكم قد تحوّلتم إلى بطل العالم العربي ولقد اكتسبت المقاومة المزيد من القوّة وماء الوجه من خلالكم".

وأضاف الإمام الخامنئي قائلاً: "الجمهورية الإسلاميّة في إيران كما في السابق ستكون إلى جانب الشعب السوري، لأنها تعتبر دعم الحكومة والشعب السوري دعماً لتيّار المقاومة وتفتخر بدعم المقاومة من أعماق القلب".

في المقابل، ذكّر الرئيس بشار الأسد بالخسائر الكبيرة التي تحمّلتها بعض الدول نتيجة استسلامها ورضوخها لأمريكا ثمّ أردف قائلاً: لقد كانت العديد من الدول راضخة لأمريكا وكانت تظنّ أنّ أمريكا هي من تحدّد مصير ومستقبل العالم لكنّ هذا التصوّر ينهار حاليّاً نتيجة لصمود الشعوب المقاومة.

نعم! هذه الكلماتُ هي كلمةُ سرِّ انتصارات محور المقاومة؛ فالمستقبل لمحور المقاومة في المنطقة... وإنّ أبناء المنطقة المقاومين هم وحدَهم من سيرسمون مستقبل المنطقة والعالم أجمع، لا أمريكا ولا الكيانُ الصهيونيُّ... شاء من شاء وأبى من أبى... ومن أراد الإثباتَ فعليهِ مراجعة تجارُب المنطقة التي لم تعرِفْ فيها القوى الاستكباريةُ والصهيونيةُ طعمَ الهزيمةِ إلا بعد تعزيز روح المقاومة والعزة فيها من إيران والعراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين، وارتفاع شعارها الخالد الذي دكَّ حصونَ الاستكبار والصهيونية والرجعية والتكفير: "هيهات منا الذلة... هيهات منا الذلة".

فأسأل الله تعالى أن ينصر الأمة الاسلامية ومحور المقاومة والمجاهدين في كل مكان.

وأسأله تعالى أن ينصر جميع الشعوب المستضعفة في مواجهة المستكبرين والصهاينة والمتصهيِنين.

اللهم اغفر لنا، و لوالدینا و لمن وجب له حق علینا.

اللهم اصلح کل فاسد من امور المسلمین. اللهم لا تسلط علینا من لایرحمنا.

اللهم اید الاسلام و المسلمین، واخذل الکفار و المنافقین.

اللهم احفظ مراجعنا الدینیه لاسیما السید القائد الامام الخامنئی.

اللهم عجل لوليك الفرج و العافية و النصر واجعلنا من خير أعوانه و أنصاره و شيعته و محبيه.

استغفر الله لی و لکم و لجمیع المومنین و المومنات. ان احسن الحدیت و ابلغ الموعظه کتاب الله:

 



Share
* الاسم:
* البرید الکترونی:
* نص الرأی :
* رقم السری: